المنامةتقارير

البحرين: القصة الكاملة للشقيقين عبد الله وعلي.. أصغر معتقل ومطلوب في العالم

IMG-20160307-WA0000
الشقيقان، عبد الله (10 سنوات)، وعلي (6 سنوات)/ البحرين

المنامة – البحرين اليوم

 

أثار النشطاء البحرانيون اليوم الثلثاء، 8 مارس، ملف استهداف الأطفال في البحرين، وتحدّث والدا الشهيد حسين الجزيري، والناشط في الكادر الطبي إبراهيم الدمستاني (ووالد الشهيد علي) عن هذا الملف خلال كلمات ألقيت في الحوار التفاعلي بمجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف.

في هذا الملف، ثمّة قصص عديدة، ومن كلّ الأعمار ومن المناطق. بعضُ هذه القصص تبدو قريبةً من الخيال، أو وكأنها سيناريو فيلم سينمائي.

أصغر الأطفال الذين تم استهدافهم من قِبل السلطات الخليفية، هما شقيقان.

عبد الله عباس علي شايبوه، من مواليد 7 يناير 2005. من بلدة بوري. طالب في المرحلة الابتدائيّة السادسة. عمره لا يتجاوز 10 سنوات.

وشقيقه علي. من مواليد 28 سبتمبر 2009. طالب في الصفّ الأول الابتدائي.

فما هي قصّتهما؟

يروي مركز البحرين لحقوق الإنسان مجريات الحكاية في توثيق مفصّل حصلت (البحرين اليوم) على نسخة منها.

ظهر علي، ذو السنوات السّت، في شريط فيديو مع النّاشط الحقوقي نبيل رجب. كان أهله في خشية من اعتقاله في أيّة لحظة، بعد أن أضحى “أصغر” مطلوب أمني من “السلطات”. (شاهد: هنا)

تعود الحكاية إلى 12 فبراير 2016م.

vxcvxz

 

خرج الشقيقان باتجاه دكّان لشراء مواد غذائية. الساعة التاسعة صباحاً. في هذا اليوم، كانت البلدة – مثل بقية البلدات البحرانية – تشهد احتجاجات خاصة بإحياء الذكرى الخامسة للثورة. نصف ساعة مضت على خروج الشقيقن من المنزل. ولكن الطفل الأصغر علي وحده منْ عاد إلى المنزل. كان الخوفُ يسيطر عليه. التقط أنفاسه بمساعدة أهله، وأخبرهم بأن القوات الخليفيّة قامت بالاعتداء عليه بالصّفع على رأسه، واعتلقت شقيقه عبدالله. كانا في الشّارع، وتعرّضا للملاحقة من القوات، ومعهم مجموعة أخرى من الأطفال.

توجّه الأهل إلى مركز شرطة مدينة (حمد)، الدّوار الأول. سأل عن عبد الله. كان هناك.

المركز أخبر الأهل بأنه سيتم التحقيق مع ابنهم ذي العشر سنوات، وبعدها سيتم انتظار “قرار” الضابط: إما بالإفراج عنه أو حبسه!

الشرطة النسائية في المركز بدأت التحقيق مع عبد الله. سُئِل عن سبب تواجده في الشارع. ولماذا كان برفقة أطفال آخرين، وفي وقتٍ تشهد فيه البلدة احتجاجات.

كان الأهل يخشون أن يتم التعرّض لابنهم. والدته طلبت الدخول إلى “غرفة التحقيق” مع ابنها. إلا أنّ طلبها رُفض. وهكذا، بقي عبد الله مُحاطاً بتحقيقٍ لا يُقدِّر عمره، ومحروماً من رفقة الأهل، ومن دفاع المحامي.

جريمة عبدالله أنّه شارك في ذكرى ثورة بلاده. وهي جريمةٌ لا تعرف الأعمار، ولا تستلزم دليلاً لإثباتها. يكفي أن تكون حاضراً على الأرض، وتُحرّك الأقدام في الساحات، وأن تكون لك ب”المرصاد” قوّات من المرتزقة الذين يحتلون الأرض.

عند الساعة الواحدة ظهراً، وبعد انتهاء التحقيق، طلبت الشرطة النسائية من والدة عبد الله التوقيع على “تعهّد بالحُسن في التربية”، وتعهّد آخر بألا “تتخلف عن الحضور في حال تم استدعائه مرة أخرى”. وهكاذ تم الإفراج عنه.

عبد الله تم اعتقاله عبر مليشيات مسلّحة. وهو ما يحيل على “الوحشية” التي تعرّض لها. قالت له الميليشيات بأنّكم “تهتفون بشعار (يسقط حمد)، وحمد يدفع لنا الأموال لكي نغتصبكم ونمارس معكم الحرام”. كان إسماعه هذا الكلام جريمة أخرى مورست ضده.

ولكن عبد الله لم يفلت من المعاناة.

في 14 فبراير 2016، وحيث كانت البلاد تغلي في ذكرى الثورة، تلقّى والد عبد الله اتصالاً من مركز الشرطة.

طلبوا منه إحضار عبد الله “بصورةٍ عاجلة”. والسبب: “الضابط يريد التحقيق معه”. عبارةٌ تعني أن “التعذيب في انتظاره”، وأن “فنون انتزاع الاعترافات ستكون حاضرة”.

والده أخبرهم بأنه لا يمكن إحضاره مباشرةً، وقال لهم إنه كان نائماً.

اليوم التالي كان ثقيلاً على الأهل. اضطر الوالد لاصطحاب عبد الله إلى المركز. فور وصولهم، قيل للوالد بأن عبد الله سيتم التحقيق معه في النيابة العامة. أُخذ عبد الله من حضن أبيه، وتولّت القوات نقله إلى النيابة. لم يخبروا أهله بالتهم الموجهة ضده، وقيل لهم أن يذهبوا إلى النيابة في حال أرادوا معرفة “القضية” التي تواجه الطفل ذا العشر سنوات.

ولكن الوجع كان يجثم على العائلة. لم يتم استقبالهم في النيابة، ولم يُبلّغوا بأية معلومات، وأخْبِروا بأنه سيتم الاتصال بهم في حال حصول أي تفاصيل. كان ذلك في الساعة العاشرة صباحاً. بقي الأهل في حال من الانتظار الطويل، وحتى الخامسة من بعد العصر. لم يصلهم الاتصال المنتظر. والأخبار المنقطعة عن ابنهم تزيدهم ألماً وقلقاً. الانتظارُ مستحيل بالنسبة لقلوب الأهل المعصورة بالقلق.

توجّه الأهل إلى مركز الشرطة للاستفسار عن عبد الله. كان ابنهم هناك. ولكن الطفل لم يكن بانتظار الإفراج، حيث تم إبلاغ الأهل بأنه سيتم أخذه إلى محكمة الأحداث.

في الساعة السابعة مساءاً، كرّر الأهل مراجعة المركز. كان الخبرُ غير المتوقّع: “المحكمة قرّرت حبس عبد الله لمدة 6 أيام”. تم نقله إلى مركز مدينة عيسى (سجن الأحداث). ما التهم الموجهة ضده؟ لا أحد يعلم من الأهل، ولم يُبلّغوا بأي شيءٍ من ذلك، وكان منْع المحامي من حضور التحقيق، فرصةً للتكتم على مجريات التحقيق والاتهامات الموجهة ضد الطفل.

في 17 فبراير، تلقى الأهل اتصالاً من مركز الشرطة، يطلب منهم هذه المرّة إحضار شقيق عبد الله. علي، الذي يبلغ من العمر 6 سنوات. ولأجلِ  إحداث المزيد من القلق، تم إبلاغ الأهل بأن عليهم إحضار علي في 23 فبراير. وبهذا الاستدعاء، أصبح علي أصغر مطلوب للسلطات الأمنية في العالم، وربمّا في التاريخ.

سئِل عبد الله عن شبّان مطلوبين في البلدة. أرادوا منه أن يُفصِح عن أسماء منْ يعرف من النّاشطين. وسيلة من انتزاع المعلومات يكون الأطفال أداتها. وذلك وجه آخر من الجريمة.

أُفرِج عن عبدالله، وسلِم علي من أيديهم.. ولكنهما جرّبا رعباً، وشعوراً بالخوف يسري في العروقِ حدّ الإغماء، وهو حدث سيكون عاراً لا يُمحى في سجلّ نظامٍ تعرّى من كلّ الصّلات بعالم البشر.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى