ما وراء الخبر

متابعات: في يوم العمال والصحافة.. حمد العاري من الحياء والمشروم في العقل

520162154435824الملك-حمد-بن-عيسى-آل-خليفة-ملك-البحرين-خلال-زيارته-لشرم-الشيخ-(4)

البحرين اليوم – (خاص)

متابعات

ما وراء الخبر

 

في رحلة على متن الطيران المصري، يوم الثاني من مايو، يقول مسافر عربيّ بأنه وجد نفسه – لأوّل مرّة – يلبّي نداء المضيف الجوي الذي كان يُقدّم للمسافرين نسخاً من الصحف المصرية الصادرة في ذلك اليوم. يقول هذا المسافر بأن المانشيت الرئيسي لصحيفة “اليوم السابع” المصرية الصادرة ذلك اليوم كان يشدّه منذ اللحظة الأولى التي كان يوزّع فيها المضيف الصحيفة وهو يهرول محرّكاً عربة الصحف في ممر الطائرة.

مدّ الصحيفة.. وفرش الصفحة الأولى وفتحَ كلّ المشاعر المنقبضة وهو يقرأ المانشيت العريض الذي يروي “سياحة” (ملك البحرين حمد عيسى الخليفة) في شرم الشيخ: “عوم، وغولف”. يقول المسافر العربي لـ(البحرين اليوم): “هذه من أبشع المناظر التي يمكن مشاهدتها لحاكم عربي”، ويضيف: “الملك الذي لا يملك شيئا لمصر، كما قال المعارض المصري أيمن نور، أراد أن يكون مروّجا للسياحة في شرم الشيخ، ولكن بطريقة مقززة، و(عارية) لأنه يبقى الحاكم الخليجي الأكثر دموية لشعبه، والأكثر كراهية للوطن الذي يحكمه”.

بين عيد العمال، في الأول من مايو، ويوم الصحافة العالمي، في الثالث من مايو، يمكن إعادة قراءة الزيارة “القبيحة” لحمد وأبنائه – بخاصة الجلادين ناصر وخالد – إلى القاهرة وشرم الشيخ.

في كلا الاحتفاليتين اللتين يحتفل بهما العالم، كان حمد يشيّد بُغضاً لا حدود له للعمّال والصحافيين على حدّ سواء.

“نشّط” حمد السّياحة في شرم الشيخ على طريقته الخاصة، وأعلن في تصريحات تداولتها الصحافة المصرية؛ بأنه يرى السياحة هناك من أهم الوسائل لـ”تحريك الاقتصاد المصري، وتوفير العمل للمصريين”. كان الناس في البحرين يتظاهرون في الأول من مايو تنديداً بالجرائم التي تولاّها حمد ضد عمّال البحرين، ورفعوا شعارات ولافتات ذكّرت بالبطالة التي تطال، قصداً، السكان الأصليين،  كما ذكّروا بالعمال البحرانيين المفصولين من أعمالهم بسبب مواقفهم السياسية. ولكن حمد يظلّ غريباً، مثل بقية الغزاة، عن أرض البحرين، وهو يبحثُ، وبشغفٍ لا يملكه إلا القتلة، عن وسائل جديدة، ومتكررة، لإسقاط المهانة، والمعاناة، والبغضاء على شعب البحرين، ولاسيما تلك الفئات التي يظن أن الإكثار من التعدي عليها وإفلاسها، مادياً، كفيل – كما يوسوس له شياطينه – بإخضاعها لغروره، وبطشه المجنون.

ملأ حمد في القاهرة طاقة جديدة من الكره والإكراه لشعب البحرين. أغراه “الاستقبال الحاشد” الذي أقامه له السيسي، وكأنه ملك عظيم، وانتفخ مجدداً بروح الفتك، والكذب الصريح. عاد حمد إلى البلاد ورمى سلّة كاملة من “الوقاحة” وهي يحتفي بيوم الصحافة، ويِعيد الحديث عن احترام الصحافيين، وتكريمهم، وأنه لا يوجد معتقل صحافي واحد في البلاد، لا من قبل ولا من بعد.

صندوق الأكاذيب في نظام حمد لا يتغيّر محتواه، ولو تغيّرت الظروف. يظل هذا الصّندوق الأسود مفتوحاً على ذات الأشياء البغيضة. لا تغيره تقارير المنظمات المعنية بالصحافة، ولا الشواهد اليومية لانتهاك حقوق البحرانيين، مع سبق الترصُّد والإصرار.

انتفاخُ حمد في مصر، وشعوره بالزّهو وهو يُعيد عاداته المراهقة في التقاط السّليفي مع المارّة؛ لم يمنحه التعويض المناسب. عمّالُ البحرين وصحافيّوها مازالوا ينتفون الرّيش من هذا الطاووس الهجين بجينات فاسدة. وبعد كلّ كذبةٍ ينشرها بين الناس، ويُسارع الطّبالة لبدء الهزّ لها؛ يصعقه جيل ١٤ فبراير بكتلة جديدة من أفعال التعرية، والمقاومة.

ناشط مصري يقيم في مدينة الشيخ زايد –  من امتدادات القاهرة الكبرى – يُشبّه حمد عيسى الخليفة بالضواحي الجديدة التي بدأت تزحف بهذه المدينة التي أنشأتها دولة الإمارات في العام ١٩٩٥، وهي ضواحٍ تقاطعت فيها هوامير الداخل والخارج، والتقطوا الفرص الاستثمارية المقبلة لهذه المدينة الواعدة؛ للبدء في إنشاء مجمعات وشقق سكنية في كل المساحات المتبقية من بقعة هذه المدينة الصحراوية، والإتجار بها بوسائل المضاربة وقنْص القيمة الاستثمارية المستقبلية لهذه المنطقة.

يشزح الناشط المصري “قراءته المقارنة” ويشير إلى أن حاكم الإمارات السابق، زايد، أوجد مدينةً من باب “المنحة”، ومُنِح في المقابل اسم المدينة، وانتهت المقايضة عند هذا الحدّ. بعد أكثر من عشرين سنة، يعود أبناء زايد – وخاصة من تحت عباءة نجله محمد، ولي عهد أبوظبي – لابتلاع مصر عبر لعبة الاستثمارات التي تضخّ الرساميل في مصر، ولكن لتخرج من النافذة بفوائد ربحية مضاعفة. فعل الإماراتيون الجُدد هذا الاستنزاف مصحوباً باستنزافٍ سياسيّ وأمني آخر على أرض مصر، وبالمناكدة لقطر، وهم يُعاوِدون تكرار تجربة “مدينة الشيخ زايد” في بقية أراضي مصر، ولكن ليس عبر المنحة، بل الاستثمار الذي يضخ فوائده خارج مصر، ويتجنّب إعادة توظيفها في الداخل وتبيئتها في البنية الصناعية والإنتاجية المصرية.

في المقابل، يضيف الناشط المصري إياه، السعوديون لا يفعلون ذلك. إنهم يصنعون الاستثمارات، ويبقون فيها، ويدوّرون أرباحها في الداخل. ولكن، ذلك ليس كرماً زائدا. ففي النهاية هناك مقايضات أخرى تطلبها السعودية من وراء توسيع بنيتها الصناعية والتوزيعية في مصر، وهي مقايضات لا تمثل قضية جزيرتي صنافير وتيران إلا جانباً بسيطا، وظاهرياً منها.

أمام ذلك، يقارن الناشط ذلك بما فعله حمد في مصر، ولمصر، ويقول بأن “ملك البحرين كان مفلساً بالمعنى السياسي والاقتصادي”، فهو لم يقدّم “استثمارا” في مصر، “واكتفى بأن يتحوّل إلى موظف سياحي للترويج للسياحة في شرم الشيخ”، وأن يقف حدود دعمه عند “دفع الفواتير الباهضة لجولاته السياحية” مع بعض “البقشيش” الذي ينزل من يديه مثل قطرات الزّيت المحروق. وأكثر من ذلك، فإن حمد – في عيون الناشط المصري – تعمّد إظهار “صبيانية فجّة” وهو ينتفخ أمام السيسي، والمسؤولين المصريين، وخاصة حينما ارتدى البزة العسكرية وهو يلتقي بوزير الدفاع المصري. رأى نشطاء مصريون هذا الظهور بأنه “نموذج غير مسبوق في الاستعراض العاري”، أي “العاري من أي معنى حقيقي، فلا المناسبة عسكرية، ولا المكان هو ميدان قتال وحرب”.

في الخلاصة، تعرّى حمد في مصر. خلع بقية الحياء، وعامَ في البحر وهو مشرومُ (مشقوق) العقل، وتسلّى به المصريون وكأنهم يتابعون فيلماً ممنوعاً من العرض لمحمد هنيدي. شعرَ بذلك، ولا شك، وعادَ إلى البحرين بحثاً عن انتقام آخر، وتنفيس متجدّد عن كلّ هذه النقائص الدائمة.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى