ما وراء الخبر

الشهيدة فخرية والشهيد الحايكي.. بين القتل المادي والمعنوي.. الاستهداف الخليفي إلى أين؟

Screen Shot 2016-07-31 at 18.57.58

متابعات – البحرين اليوم
أقل من شهرين هو الفاصل بين الإعلان عن استشهاد المواطنة فخرية مسلم، وإعلان نبأ استشهاد الشاب حسن الحايكي. المسافة الزمنية ليست هي العامل المشترك بين الشهيدين، حيث تم اعتقال الشهيد الحايكي في القضية المزعومة بتفجير العكر، والذي ادّعى النظام الخليفي أنه أدّى استشهاد فخرية، علما أن التحقيقات التي أجرتها بعض الجهات المستقلة انتهت إلى الجزم بأن استشهاد فخرية تم برصاص قاتل تم إطلاقه من موكب أمني كان يرافق شخصية خليفية “عالية المستوى” في الشارع الرئيسي المطل على العكر في يونيو الماضي، حيث اعترض الموكب سيارة الشهيدة وأطلق النار عليها، حيث استشهدت فورا، وأُصيب أبناؤها بجروح.

الشهيد الحايكي كان من بين الذين طالتهم حملة اعتقالات مفبركة شنها الخليفيون لأجل الهروب من جريمة مقتل الشهيدة، حيث تم اعتقال الحايكي وآخرين، وتعرضوا للتعذيب “الشديد” ولُفّقت بحقهم تهمة التفجير المزعوم في العكر، وقد عُرضت صورهم على شاشة التلفزيون الرسمي، قبل نحو أسبوعين، ليُعلن اليوم الأحد، ٣١ يوليو، نبأ استشهاد حسن الحايكي في ظروف وصفتها وزارة الداخلية الخليفية ب”الطبيعية”، وهو ما أعاد إلى الأذهان قصص استشهاد آخرين داخل السجون الخليفية، وادّعاء النظام بأنهم “توفوا” بشكل طبيعي نتيجة “المرض”، ومن بين هؤلاء الشهيد علي صقر الذي أُعلِن عن استشهاده في العام 2011م تحت التعذيب داخل السجن بعد أيام قليلة من إظهاره في تلفزيون آل خليفة وهو يُدلي باعترافات “كاذبة” تحت التهديد والإكراه.

شهود عيان أكدوا أن الشهيد الحايكي تم نقله إلى المستشفى مساء أمس السبت، ٣٠ يوليو، وقد كان متوفيا حين نقله إلى المستشفى، وهو ما يؤكد أن المنية وافقته وهو في السجن، وقبل نقله إلى هناك، ما يشير إلى “وجبات التعذيب القاسية” التي تعرّض لها طيلة الأسابيع الماضية، وعلى النحو الذي أكدته عائلة الشهيد لوسائل الإعلام.

الناشطة والمدونة بحرين دكتور BAHRAINDOCTOR راهنت بكشف شخصيتها الحقيقية في حال ثبت أن الشهيد الحايكي توفي في “ظروف طبيعية” وبعد عرض جثمانه على أطباء شرعيين مستقلين من خارج البحرين. وأكدت بأن الشهيد توفي في مستشفى السلمانية “نتيجة لمضاعفات التعذيب الذي تعرض له في المعتقل (مثل غيره) من الشهداء الذين خرجت أرواحهم في هذه المستشفى”، وكشفت المدونة عن امتلاك وزارة الداخلية الخليفية “أدوات تعذيب مثل الصواعق الكهربائية، والخراطيم المطاطية وأدوات تعليق السجين ثم تتدعي عدم وجود تعذيب”.

من جهة أخرى، فإن سقوط شهيدين في هذا الظرف الزمني القصير، يؤشر إلى أن الخليفيين تقدموا خطوات إضافية في مشروع الحرب المفتوحة على السكان الأصليين، وهم “غير معنيين” بكل “الضغوط التقليدية” التي تصدر عن “المجتمع الدولي”، بل يجد آل خليفة هذه الضغوط “فرصة إضافية” للمضي في الجرائم وارتكاب الانتهاكات، مستفيدين في كل مرة من وسائل التغطية والدعم والتسويق “الدعائي” التي تصل إليها من جهات مختلفة، بما فيها الحكومات الغربية وبعض الجهات الدولية، وذلك لأجل “تثبيت السياسة الجديدة التي أملاها آل سعود على أتباعهم، والقاضية بتحدي الجميع، وتجاوز كل الأعراف والمواثيق الدولية، بما فيها مؤسسات الأمم المتحدة”، وهو ما يعني بأن أن جريمة القتل لدى النظام باتت “إستراتيجية” ثابتة في المشروع التدميري الذي يستهدف البحرانيين، وأنّ “القتل المادي” هو جزء لا يتجزأ من مشروع “القتل المعنوي” الذي يطال هوية السكان ووجودهم الديني والثقافي، ما يدعو بعض المعارضين إلى التأكيد على أنّ أي مشروع “مقاوم” لهذا المخطط التدميري؛ لابد أن يأخذ بعين الاعتبار تعدّد وسائل القتل التي يعتمدها هذا المخطط، وإعداد مشروع “المواجهة” على ضوء ذلك.

في هذا السياق، تُحيل “شراسة آل خليفة” التي أدت لسقوط شهيدين خلال أقل من شهرين؛ إلى “معركة كسر العظام” التي يخوضها الخليفيون منذ بدء الهجوم على آية الله الشيخ عيسى قاسم، والذي لا يزال يتدحرج في اتجاه التصعيد، في الوقت الذي لا يتردد الخليفيون في إدخال عنصر “الدم المسفوك” في المواجهة التي بات الشيخ قاسم عنوانها الأبرز، في الوقت الذي يعلم آل خليفة “الحساسية الشرعية” التي يعبّر عنها الشيخ قاسم حيال موضوع “الدم” وحرمته، والتحفظ الشديد الذي يبديه في أدق التفاصيل للحيلولة دون إسالة الدّماء في الميدان السياسيّ. إلا أن المشهديّة “الثورية” التي أبداها علماء الدين، وبدفع شرعي و”قيادي” من الشيخ قاسم نفسه، ينبيء بأن المعادلة “التخويفية” التي يراهن عليها الخليفيون؛ لن تكون لها أي تأثير على الموقف الموحّد الذي ثبته الشيخ قاسم وكبار العلماء حينما حدّدوا طبيعة “المشهد القائم” بأنه يتحرك في اتجاه مشروع “استهداف الوجود والهوية”، وهو “التحدي” الذي سيعيه النظام أكثر في المرحلة المقبلة، ما يجعله مدفوعا لتوسيع أدوات الحرب القائمة، وتنويع اختراقه للخطوط الحمراء، وهو ما يعني الاقتراب الأكثر من دائرة الاشتباك الأخيرة، وبعدها إعادة الفرز النهائي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى