صور: البحرين في 14 فبراير 2016
المنامة – البحرين اليوم
منذ مطلع فجر 14 فبراير السّادس، وقبل ذلك بكثير، كانت قلوب البحرانيين تهفو إلى الأرض. قبل بزوغ الشّمس كانت الأقدام والأصوات الطالعةُ من القلوب؛ تهتز في الأعلى، ومعها تموج الأرض.
أوقف المواطنون إمساك الموبايل ووسائل العيش المعتادة، إلا الضرورات، ولم يعنيهم إلا أن يكونوا في الميادين، يتسابقون لاقتناص اللّحظة ذاتها التي خرج فيها الأستاذ عبد الوهاب حسين في صباحٍ يُشبه هذا اليوم من العام 2011م، ليفجّر الثورة التي صنعها الشّبان، ولازالوا أمناء لها، لا مبدّلين ولا منقلين. (شاهد: هنا، هنا)
العصيان المدني كان العنوان الأول الذي أنجزه الأهالي مبكّراً، واستطاعوا عبر جولتين من يومين سابقين؛ أن يمرّونوا أيديهم وأرجلهم وطاقاتهم في التعبئة والعنفوان، ليخوضوا يوم الثورة الجديد على أحسن مثال. وهكذا كان.
الشّوارعُ بدت وكأنها في انتفاضٍ لا يهدأ. المحلات التجارية والأسواق أغلقت أبوابها احتجاجاً وثورةً. التسوّق مقطوع، ولا خبرَ ولا صوت إلا للتظاهرات وأقدام الثّوار وهي تقُاوم قتلة آل خليفة الذين اكتشفوا من جديد، وللمرة السّادسة من الأعوام، بأنّ “شعب البحرين أقوى من المحتلين، والطغاة”.
لم يأخذ البحرانيون استراحتهم القصيرة اليوم إلا مع ارتفاع أذان الظهر، لبّوا نداء الصّلاة، فيما أوْدعوا الأرض موعداً آخر يبدأ بعد قليلٍ لجولاتٍ لا تنتهي حتّى المساء. فاليوم يوم غضب لا ينتهي.
التظاهراتُ كانت رفقة العصيان والإضراب الذي ارتسم على جدران المحلات، وأثبتته الشوارع شبه الخالية إلا من قوات المرتزقة التي زجّت بكلّ آلياتها وعساكرها وجنونها لفرض الحصار على البلدات، وفي كلّ مناطق البحرين. إلا أن الميادين كانت في موج ثوري، هزأ بالحواجز الإسمنتية، ووصل إليها المواطنون رافعين رايات النصر وهتافات الثورة.
أعمدة النّار كانت تُعلن المقاومة المدنية، والتظاهرات التي شهدت كلّ الفئات، وظهر فيها آباء الشهداء قادةً للأمل، كانت الصّوت الذي يُخبر العالمَ كيف صبر البحرانيون خمساً من السنين العجاف.
الشّبان في خطوط التماس يناجزون القتلة، ويُعيدون الوهج الذي افتتح عهدا المفاصلة الكاملة مع آل خليفة.
حواجز الأمان كانت تظهر من جديد بعد كل اقتحام ينفذه الخليفيون لإزالتها. انكسار خليفيّ متكرّر يتحوّل إلى انتقام من المواطنين وبلدات البحرين التي شهدت سحباً لا تنتهي من الغازات السامة، وكّررت قوات المرتزقة ملاحقة الأطفال واعتقالهم، فيما كان يبحث رصاصُ الشوزن عن أجساد الثّوار الذين كانوا قادة الميادين وحصنها الحصين. (شاهد: هنا، هنا)