ما وراء الخبر

كلمة السّر: من سليماني إلى العساكر الأجنبية في البحرين.. نفاذ رماح الخليفيين ومرحلة “الخيارات الصّعبة”

images (1)
البحرين اليوم – متابعات

دخولُ اللّواءِ قاسم سليمانيّ، المباشِر، على خطّ الاشتباكِ الجديدِ في البحرين؛ لم يكن خروجاً على النّصِّ، أو تورّطاً غير محسوب. حجمُ الجريمةِ الخليفيّة، ومَدَدُها السّعوديّ والأمريكيّ، بات يمثّل موضوعاً ملحّا لحسْمِ الخرائطِ في الإقليم، وانطلاقاً من البحرين التي باتت تمثّلُ “بقعةَ الرّبيع العربي” الأكثر نزيفاً بالتّضحياتِ والمظلوميّة.

من لبنان، والموقفُ الواضح لحزب الله، إلى العراقِ المُنتصِرِ على دواعشِ السّعوديّةِ وإرهابييها، فإيران التي وضعَ قائدُها وحرسُها الثّوريّ النّقاطَ على الحروف؛ أضحى النّظامُ الخليفيّ في دائرةِ النّبذِ المطلقِ، وإليه تُوجّه الرّسائل التّحذيريّة المُراد أنْ يقرأها جليّةً داعموه الأساسيّون، وفي المقدِّمةِ منهم الولاياتُ المتّحدة وبريطانيا اللتان كان ينتظر السّياسيّون المعارضون منهما تحرُّكاً جدّيّاً لكبْح جماحِ سيوفِ آل سعود ومرتزقة آل خليفة، إلاّ أنّ الزّيارةَ الرّمضانيّة التي قام بها مسؤولو السفارةِ الأمريكيّة لجمعيّةِ الوفاق، وقُبيل الهجوم الخليفيّ على الجمعيةِ وإغلاقها، كانت بمثابةِ الإشعارِ بأنّ الأمريكيين ليسوا فقط غير راغبين في ترويض حليفهم الصّغير وسيّده الوهّابيّ، بل إنهم والحكومة البريطانية متواطِئون في مشروعِ الجريمة المستمرّة بحقّ البحرانيين، وعلى النّحو الذي أظهره موضوع النّاشطة زينب الخوّاجة التي طالب وزيرُ الخارجيّة الأميركيّ بإطلاقِ سراحها “الإنسانيّ” أثناء زيارته المنامة قبل شهرين، ليتبيّن أنّ التّخريجة الإنجلوأمريكية كانت أنْ يُطلَق سراح زينب مع تسفيرها عنوةً بجوازها الدّنماركيّ، بما يعنيه ذلك من تجريدها للجنسيّةِ البحرانيّة وإلحاقها بقوافل المنفيين في عواصم العالم.

كان هذا الخيْطُ الذي اتّصل بتغليظ العقوبةِ على أمين عام “الوفاق”، الشيخ علي سلمان، وإعادة النّاشط الحقوقيّ نبيل رجب إلى المعتقل، ليبدأ الحبْل الأسود بالالتفافِ حول الوجود السياسيّ والدّيني الغالب في البلاد، ويعود ويشتدّ حول آية الله الشيخ عيسى قاسم الذي ضخّ الخليفيون ضدّه حملةً منظّمةً من التّشهير والإساءة غير المسبوقة، تمهيداً لترحيله الإجباريّ من البلاد.

كلُّ ذلك تحت مرأى الإدارة الإنجلوأمريكية، ومروراً منهم وبهم. ومن هنا يُفهَم الإنذار الذي وجّهته القوى الثّورية إلى واشنطن ولندن ووجودهما العسكريّ في البحرين، وأنّ “الخيارات المفتوحة”، بحسب هذه القوى، لا تقف عند حدّ آل خليفة وآل سعود، بل تمتدّ عميقاً، وأصْلاً، إلى الأمريكيين والبريطانيين الذين يمثّل تواجدهم العسكري في البلاد عنواناً على التّوافق والإتفاق والموافقة على جرائم الخليفيين في البلاد.

لخّص هذه الرّؤية النّاطق باسم حركة (حق)، عبد الغني الخنجر، الذي دعا في تصريحاتٍ إعلاميّةٍ إلى “الاستعدادِ لكلِّ الخياراتِ، ومنها الخياراتِ الصّعبة، التي أهمها الدّفاع والمقاومة والنّزول للسّاحات بكلّ قوّة”، مضيفاً بأن “الخطر في حال تمادى النّظام في غيّه؛ سوف يطال التواجد العسكري الغربي، ومصالح الدّول الرّاعية والمساندة للنّظام”.

هذا المعنّى عبّرت عنه بقيّة الجماعات الثّورية المعارضة التي ذهبت إلى أن الحرب “الوجوديّة” التي يشنّها الخليفيّون؛ ينبغي أن تكون فرصةً أخيرةً لـ”حسْم المعركة مع النّظام الخليفيّ، وإنهاء عقود الظّلم والمظلوميّة”، وأنّ “ما يفعله النّظام اليوم يعطي فرصةً لمواجهته بقوّةٍ، وعبر خيارات صعبةٍ وجريئة”، بحسب قيادات ثوريّة من البحرين.

وهذا المعنى ذاته تبنّته القوى الإقليميّة من محور الممانعة، حيث ذهبَ الحرسُ الثّوري الإيرانيّ إلى “قُرْب انهيار النظام” في البحرين، كما أكّد على هذا المنحى نائبُ أمين عام حزب الله، الشّيخ نعيم قاسم، الذي قال إن “إسقاط جنسيّة آية الله الشيخ عيسى قاسم؛ بداية النهاية للحكم في البحرين”.

تنفي أوساطٌ سياسيّة أن تكون هذه المواقف هي من قَبيل “التحذير التّكتيكي”، أو أنها تصدر بقصْد ثني النظام عن إجراءاته التّصعيديّة والتّراجع عنها. وتذهب هذه الأوساط إلى أنّ آل خليفة مدفوعون “بقوّة” للمضيّ إلى نهايةِ “النفق المظلم”، ولا يستبعد معارضون أنْ يرتكب النّظام حماقاتٍ “دمويّة”، ولكن ذلك سيكون المنعطفُ “التّحولي” الذي يُعلِنُ “كلمة السّر” لتفعيل ما وصفته القوى الثّوريّة بـ”الخيارات الصّعبة”، ورمّزت لها بـ”الأكفان”، والتي اكتست – منذ الوهلة الأولى – الأجسادَ في ساحة الاعتصام أمام منزل الشّيخ قاسم بالدّراز.

حتّى اللّحظة، لا يبدو أنّ الشّيخ عيسى قاسم قابِلٌ للتّنازل والخروجِ من البلاد. وكان خروجُه للمعتصمين أمام منزله وطلبه منهم “الانّسحاب”؛ عمليةَ اختبارٍ لإرادة الأنصار وتمحيصاً لولائهم، وهو ما فهمه المعتصمون الذين أصرّوا على الاعتصام وتحويله إلى دائمٍ ويوميًّ، رغْم اكتظاظ العساكر الخلييفيين ومحاصرتهم للبلدة، تأكيداً من المعتصمين على الاستعدادِ المطلق للفداءِ والتّضحية بالأرواح. وهي الرّسالةُ التي اضطّر الخليفيون – ومن وراءهم – للتّوقف عندها مليّاً، وقبل الإقدام على الخطوةِ الأخيرة وارتكابِ الحماقة الأكبر ضدّ الشّيخ والمعتصمين.

إذاً فالمشهدُ مفتوحٌ على مفْترق الطّرق، وبعدها لا مجال إلاّ للحسم النّهائيّ. ومع انتهاء أعدادِ الرّماح من قناة النّظام؛ يكون الضّيق عليه أكثر وأشدّ خطراً، والانتصارُ عليه في هذه الحالِ لن يكون إلا بانتظار نفاذ كلّ الرّماح المسمومة، وانتهاء مفعولها، ومن ثم يبدأ وقتُ “حصادِ السّاحات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى