ما وراء الخبر

آل خليفة بعد التطبيع ليسوا كما قبله

رأي البحرين اليوم – متابعات ..

رغم أن إعلان تطبيع آل خليفة مع الكيان الصهيوني لا يفترض أن يشكل صدمة لمن يراقب سلوكهم وسياستهم تجاه السكان الأصليين في البحرين، إلا أن مجرد الإعلان يعتبر خطوة كبيرة نحو الإنتقال إلى إعلان الحرب المفتوحة ضد الشعب وتاريخه وثقافته ومبادئه ومحيطه العربي والإسلامي.
افترق الناس في السابق بشأن تحديد علاقتهم وتعاملهم مع النظام الخليفي الحاكم في البحرين، فمع إيمان الغالبية بعدم وجود شرعية سياسية شعبية للنظام الحاكم، إلا أن شريحة واسعة فضلت عدم قطع الخيط مع آل خليفة لإفساح الطريق من أجل تسويات توافقية تنظم علاقة الحكم بالشعب. أما تيار الموالاة فحمل السيوف نيابة عن الحكم، ظنا أن ذلك سيدفع عنه وهم “الخطر الخارجي” ويقربهم من الحكم، فيضمنوا بذلك سلامة البلد وسلامتهم!
كلا الفريقين تبخرت آمالهم ليصحوا على الواقع ويواجهوا الحقيقة التي تؤكد للمرة المليون بأن آل خليفة لا يمكن إصلاحهم أو التصالح معهم ” حتى يلج الجمل في سم الخياط”.
ما عسى أن يقول الذين روجوا لسلمان آل خليفة؟ وكيف وجدوا سياسته “الإصلاحية” بعد سنتين من تسلمه منصب رئاسة الوزراء رسميا؟ وكيف يمكن التصالح والتوافق في ظل تعميق التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى درجة أن التطبيع والتسليم به قد يكون شرطا لأي تفاهم على أي مستوى مع الخليفيين؟

الأكيد أن عار التطبيع لن يمحى من جبين آل خليفة أبد الدهر، وأنهم انغمسوا في مشروع الخيانة بحيث أصبحوا متشبثين ومرتبطين وجوديا معه، وما المشاريع والاتفاقيات التي شملت كل المجالات العسكرية والأمنية والثقافية وغيرها مع الكيان الصهيوني في سرعة قياسية إلا دليلا دامغا على هذا الإدعاء.
لقد ذهب الخليفيون في أحضان الصهاينة إلى درجة أنهم باتوا يُستقبلون كسفراء غير رسميين للكيان الصهيوني، وهذا تماما ما حدث من أجواء استقبال سلمان بن حمد في زيارته الأخيرة إلى واشنطن، ففي بداية كل اجتماع يعقده يستهل حديثه وحديث غيره بالتذكير والإشادة بالتطبيع مع “إسرائيل. ليس هذا فحسب، بل إنك لن تجد بيانا يدين فيه الخليفيون أي أعمال عدائية إسرائيلية للفسلطينيين سواء قتل أو تشريد أو تدمير منازل، لكنهم يسارعون لإظهار وجوههم وأصواتهم للدفاع عن ” إسرائيل” إذا ما قاومها الفلسطينيون بالحجارة أو بالأسلحة الخفيفة مقابل الجيش المدجج بالسلاح.

عراب التطبيع ووجهه البارز الواضح الجلي في البحرين هو سلمان آل خليفة، الذي توسم فيه البعض ” الإصلاح”! ومن هنا ينبغي الإجابة على مجموعة من التساؤلات للوصول إلى نتيجة يبنى عليها ليتخذ كل موقفه ومسؤوليته الأخلاقية والوطنية ويؤدي أمانته تجاه وطنه وأجياله.
هل التطبيع خيانة ؟
هل المطبع خائن؟
هل يجب مقاومة ومناهضة مشروع التطبيع؟
هل يدخل السكوت عن التطبيع مقابل الحصول على “إصلاحات” في دائرة الخيانة؟

إذا كان الجواب البديهي انطلاقا من مفاهيم العروبة والقومية والإسلام ( نعم)، فإن النتيجة البديهة أن باب “إصلاح آل خليفة” مسدود في البحرين. وعليه يجب أن ترص الصفوف وتوحد الكلمة وتُعد العدة في مواجهة المد الصهيوني الذي يمكن له آل خليفة. كما أن تمكين الصهاينة في البحرين لا يشكل تحديا لأهل البحرين فحسب، بل يعرض أمن البلد كله للخطر، حيث تتحول البحرين إلى ساحة لصراع دولي كانت في منأى منه لسنين طويلة.

مفاصلة شعب البحرين مع آل خليفة بعد التطبيع لم يشهد لها التاريخ مثيل، فعلى مدى عشرات السنوات من الانتفاضات المتلاحقة كان يمكن لأي تيار أن يمسك العصا من النصف ويحاول مد الجسور متذرعا في ذلك بالمحافظة على الأمن والسلم الأهلي وتجنيب البلد والمواطنين ويلات القطيعة والاحتراب. لكن الخليفين الآن شنو حربهم على الشعب، وتحدوا مشاعر الأمة، واصطفوا مع أعدائها وأصبحوا يجاهرون في مؤامرتهم على مقدساتها، ومن هنا لزمت مقاومتهم سياسيا وإعلاميا وثقافيا وميدانيا وعلى جميع الأصعدة. وانقطع خيط الأمل الكاذب بالتوافق والتعايش والاتفاق، فآل خليفة بعد التطبيع ليسوا كما قبله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى