اوروبا

احتجاجات متوقعة على زيارة ولي العهد السعودي للمملكة المتحدة

من لندن-البحرين اليوم

أعلنت رئاسة الوزراء البريطانية الثلاثاء (27 فبراير 2018) أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سيجري زيارة إلى المملكة المتحدة مطلع شهر مارس المقبل. وتعتبر هذه الزيارة الأولى لولي العهد السعودي منذ تسلمه لولاية العهد في شهر يونيو من العام الماضي. إثر إزاحة ابن عمه محمد بن نايف من منصبه كولي للعهد.

واعتبر ”10 داونينغ ستريت” أن الزيارة المرتقبة ”تبشر بعهد جديد من العلاقات الثنائية بين الطرفين“، كما أنها تتيح فرصة لتعزيز التعاون في ”مجال الارهاب والصراع في اليمن والقضايا الاقليمية بما فيها العراق وسوريا بالإضافة الى تعزيز العلاقات التجارية“، بحسب بيان صادر عن رئاسة الوزراء.

إلا أن الزيارة التي تبدأ يوم الأربعاء المقبل السابع من مارس من المتوقع أن تواجه باحتجاجات من قبل نشطاء ضد دور السعودية في الحرب على اليمن، وسجلها الداخلي في مجال حقوق الانسان، وموقفها باعتبارها لاعبا رئيسيا في تجارة الأسلحة الدولية.

وقد سلط تقرير ل“برس اسوسيشن“ الضوء على الزيارة وتداعياتها، لافتا إلى أن رئيسة الوزراء البريطانية ”تيريزا مي“ عبرت عن اعتقادها بأن العلاقات القوية مع المملكة العربية السعودية ”تمكنها من التحدث بصراحة وبشكل بناء عن القضايا التي تثار حولها مخاوف“.

وقالت مي بهذا الخصوص “إن الشراكة بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية تساعد بالفعل على جعل البلدين أكثر أمنا، من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية التي أنقذت حياة البريطانيين، وكذلك أكثر ازدهارا، مع خلق الآلاف من فرص العمل في المملكة المتحدة وتوفير فرص كبيرة للشركات البريطانية للعمل في المملكة العربية السعودية“، مضيفة “إن زيارة ولي العهد ستؤسس لهذه العلاقة لتصبح أكثر قوة”.

كما رحبت مي بـ“الإصلاحات“ المزعومة التي أدخلها ولي العهد، مثل منح المرأة حق القيادة وحضور المناسبات الرياضية، فضلا عن السماح بدور السينما في البلاد المحافظة، قائلة “إن السعودية تتغير”.

وقالت مي “لقد شاهدنا قرارات حديثة تسمح للمرأة بالقيادة اعتبارا من يونيو من هذا العام، كما أن الهدف هو أن تشكل المرأة ثلث القوة العاملة السعودية بحلول عام 2030، والتحرك نحو تطوير قطاعات مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية والترفيه والسياحة“، معتبرة أن المملكة المتحدة رائدة في هذه القطاعات التي تتواجد فيها مع توفر فرص للعمل.

لكن مي – ونتيجة للضغوط التي تمارس عليها من قبل أحزاب المعارضة – أكدت على أنها ”لن تتخلى عن معالجة القضايا الصعبة في محادثات مباشرة مع ولي العهد، قائلة “إن علاقاتنا القوية مع المملكة العربية السعودية تمكننا من التحدث بصراحة وبصورة بناءة حول القضايا التي لدينا حولها مخاوف مثل الأمن الاقليمي والصراع والوضع الإنساني في اليمن”.

لكن التقرير رجّح أن تغتنم رئيسة الوزراء الفرصة للضغط من أجل اختيار سوق لندن للأوراق المالية لطرح أسهم شركة نفط أرامكو السعودية للإكتئاب بدلا من أسواق نيويورك وهونج كونج وطوكيو.

وأشار التقرير إلى اتخاذ ولي العهد سلسلة من الإجراءات المثيرة لتعزيز سلطته في السعودية، ومنها القؤه القبض على أكثر من 40 أميرا ووزيرا بسبب الفساد المزعوم، فيما أقال هذا الأسبوع بعض الجنرالات الذين يقودون حربا طويلة الأمد في اليمن.

 

إحتجاجات الناشطين

 

غير أن زيارة ولي العهد السعودي المقررة الى المملكة المتحدة من المقرر أن تواجه باحتجاجات واسعة من قبل جماعات حقوقية وناشطين دعوا تيريزا مي إلى مواجهة ولي العهد حول سجل السعودية السيء في مجال حقوق الإنسان.

وعلى هذا الصعيد، قالت مدير منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة كيت ألين ”قلنا مرارا وتكرارا، لقد تغاضى وزراء المملكة المتحدة عن سجل المملكة العربية السعودية الفظيع في مجال حقوق الإنسان، إنهم بالكاد يذكرون حملة القمع التي تمارسها السلطات على شخصيات المعارضة السلمية، أو الانتشار المفزع للتعذيب، والمحاكمات الجائرة“ .

وأضافت “قبل زيارة محمد بن سلمان، يجب على تيريزا ماي أن تفعل شيئا فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة البريطانية، وأن تعلق جميع صادرات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية طالما أن هناك خطر لاستخدامها من قبل التحالف الذي تقوده السعودية لقصف المدنيين أو لفرض الحصار على اليمن”.

ومن جانبها، قالت مايا فوا من منظمة ”ربريف“ المناهضة لعقوبة الإعدام “منذ تعيينه وليا للعهد، تم تأييد أحكام لإعدام محتجين، بمن فيهم عدد من القاصرين، وسط مزاعم خطيرة بالتعذيب وعدد غير مسبوق من عمليات الإعدام“.

وأضافت “وفي الوقت الذي عززت فيه تيريزا مي علاقاتها مع السعودية؛ أدى ذلك إلى ان ضباط الشرطة البريطانية قاموا تدريب ضباط سعوديين على تقنيات الرصد الإلكتروني التي استخدمت لتبرير أحكام الإعدام“.

وأردفت “يجب ان توضح رئيسة الوزراء أنه لا يمكن أن تستمر المساعدات البريطانية حتى يلغي ولي العهد عقوبة الإعدام على الجرائم المتعلقة بالاحتجاج، وإعادة النظر فورا في قضايا جميع الذين يواجهون عقوبة الإعدام الوشيك“.

وكانت عدة منظمات غير حكومية، ومن بينها تحالف “أوقفوا الحرب”؛ أرسلت خطاباً مفتوحاً إلى مي تطالبها بإلغاء زيارة ابن سلمان بسبب دوره السعودية في حرب اليمن.

واعتبرت المنظمات الحقوقية الموقعة على الرسالة أن ”زيارة ابن سلمان لبريطانيا تلحق بالبلاد العار، نظرا للجرائم الخطيرة التي ارتكبها في اليمن، وأن مصالح الشعب البريطاني وقيمه تتعارض مع هذه الزيارة“.

وقال ستيفين بيل، وهو أحد النشطاء المطالبين بإلغاء زيارة ابن سلمان إن حوالي 11 مليون طفل يمني يواجهون خطر الدمار أو الكوليرا والمجاعة الناتجة عن الحرب في بلدهم. معتبرا أنه ليس مناسبا أن نقوم بدعوة المسؤول الأول عن استمرار تلك الحرب“.

وشهدت العاصمة البريطانية لندن احتجاجات غاضبة، ضد زيارة محمد بن سلمان منذ اللحظة الأولى عن إعلان تلك الزيارة، وجابت شوارع لندن وعلى مدار أسبوعين شاحنات تحمل إعلانات ضخمة رافضة لزيارة ولي العهد السعودي إلى بريطانيا، وكتب عليها ”مجرم الحرب غير مرحب به في بريطانيا“، في إشارة إلى جرائم الحرب المرتكبة بحق اليمنيين في الحرب التي تشنها عليهم السعودية منذ ثلاثة أعوام.

كما تم إطلاق عريضة تدعو لإلغاء زيارة محمد بن سلمان، وتم عرضها على مجلس العموم لمناقشة إلغاء الزيارة، حيث ذكر الموقعون على العريضة أن ”سجل النظام السعودي يعد واحدا من أسوأ سجلات حقوق الإنسان على مستوى العالم“، مشيرين إلى أن ”عمليات التعذيب والاعتقال التعسفي لا تزال تجري على نطاق واسع داخل المملكة العربية السعودية“. وأضافت العريضة إن ”للسعودية دورا في دعم حكومة البحرين التي تقمع وتعتقل وتقتل الناشطين والمعارضين“.

 

أحزاب المعارضة البريطانية

وعلى الصعيد السياسي يقود حزب العمال البريطاني حملة لمطالبة بريطانيا بالتوقف عن بيع الأسلحة للسعودية بسبب استخدامها في الحرب على اليمن.

وسبق أن طالب زعيم الحزب، جيريمي كوربن، الحكومة البريطانية بالتوقف عن بيع الأسلحة للسعودية، كما أن الحزب منع سفير السعودية من حضور مؤتمره العام في برايتون، بسبب جرائم السعودية في اليمن وانتهاكاتها لحقوق الإنسان.

كما وجه حزب الديمقراطيين الأحرار انتقادات لاذعة لحكومة المحافظين على خلفية تزويدها للنظام السعودي بالأسلحة التي يفتك بها باليمنيين طوال حربها المتواصلة على البلاد منذ ثلاثة اعوام.

ولكن على الرغم من جميع هذه الإنتقادات والنداءات؛ فإن رئيسة الوزراء البريطانية مضت قدما في إتمام زيارة ابن سلمان، في محاولة منها – بحسب متابعين – للتخلص من أعباء الخروج من الإتحاد الأوروبي عبر تعزيز الروابط العسكرية مع دول الخليج، وخاصة السعودية، ودون إعطاء قضايا حقوق الإنسان أي اهمية واعتبار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى