عبدالإله الماحوزيمقالات

الإرهاب القادم من كامب ديفيد

p10-1
عبد الإله الماحوزي – ناشط سياسي – برلين

 

البحرين اليوم – (خاص)

 

اجتمعت الإدارة الأمريكية مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي في قمة كامب ديفيد لبحث ثلاثة محاور رئيسية تتناول التعاون العسكري، ومكافحة الإرهاب، ومواجهة التحديات الإقليمية .

يتركز المحور الأول من اللقاء حول تعزيز التعاون العسكري بين الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج، متضمنا تسهيل نقل التقنية والسلاح والتدريب والتمارين المشتركة، وتعزيز القدرات العسكرية لدول الخليج، إضافة إلى عدد من الموضوعات الفنية في هذا السياق، كما صرح وزير الخارجية للسعودية السيد عادل الجبير.

هذا التعاون العسكري يصب في صالح أمريكا وحكام دول الخليج، لاسيما أن دول الخليج لديها أزمات سياسية وثورات شعبية تدعو للتحول الديمقراطي، وعليه لا يمكن أن نفهم هذا الدعم والتنسيق العسكري إلا بوصفه دعما للاستبداد والديكتاتورية والقمع الذي تمارسه هذه الانظمة ضد شعوبها وشعوب المنطقة.

هذا الدعم من جهة أخرى، يؤكد أن سياسة أمريكا تقوم على البرغماتية والسياسة النفعية، التي تنص على عقد صفقات بيع السلاح لدول مهوسة بشراء الأسلحة، حيث احتلت السعودية المرتبة الأولى عالميا في استيراد الأسلحة، كما جاء في تقرير وضعه مكتب خبراء “آي إتش إس جينس” في لندن، مؤكدًا فيه ازدياد مبيعات الأسلحة للعام السادس على التوالي للسعودية في عام 2014، حيث وصلت إلى 64.4 مليار دولار مقابل 56 مليارًا في عام 2013، أي بزيادة 13.4%، حيث تعتبر السعودية أهم سوق لأمريكا في شراء الأسلحة والمعدات العسكرية، وهذا يكشف زيف الإدعاءات الأمريكية بدعم حقوق الإنسان و الحريات و الديمقراطية، حيث إن همها الأول هو حماية حقوق “الدولار” وديمقراطيته، لا ديمقراطية الشعوب، ولو رفعت أمريكا يدها عن دعم هذه الأنظمة عسكريا وسياسيا لانهارت أمام شعوبها التي تلفضها.

في المقابل، من الخطوط الحمراء للإدارة الأمريكية في دعمها العسكري لدول الخليج، أن كل الدعم العسكري يجب ألا يهدد أمن الكيان الصهيوني، ولا يتفوق عليه، كون الأمن الصهيوني بؤرة تقاطع وتوافق بين الإدارة الأمريكية والخليجيين، ويصب في مصلحتهما ورؤيتهما الإستراتيجية للصراع العربي الصهيوني في فلسطين.

أما المحور الثاني، فيتناول مكافحة الإرهاب ومناقشة المزيد من الإجراءات لتعزيز العلاقات الثنائية بين الإدارة الأمريكية و الخليجية، وفي هذا المحور محاولة لتضليل الرأي العام للشعوب وخلق مفهوم خاص للإرهاب، وفقا للتعريف الأمريكي وأنظمة تصدير الإرهاب في الخليج، حيث لم يعد يخفى أن أمريكا هي الداعم الأول للإرهاب في العالم، وما قضية المسلمين والعرب الأولى، فلسطين، والدعم الأمريكي اللا محدود للكيان الصهيوني إلا مثالا لدعم أمريكا للإرهاب.

والجدير بالذكر أن تصريحات السيد أوباما في شهر أبريل من هذا العام حول تعهده بالحفاظ على أمن إسرائيل، والتأكيد على دعمهم في حال الهجوم عليهم، وأنه ملتزم كليا لضمان الحفاظ على تفوق إسرائيل العسكري، لردع أي هجوم مستقبلي؛ هذا التعهد والدعم العلني لكيان مغتصب مارس ولازال يمارس أبشع صور الإرهاب والقتل منذ أكثر من ستين عاما على الشعب الفلسطيني واللبناني؛ هو كاشف على أن مكافحة الإرهاب في مؤتمر كامب ديفيد ليس الا أضحوكة واستغفالا للشعوب.

ثم من هي الدول التي ستكافح الإرهاب؟ هل هي أمريكا أم السعودية ؟ هل العدوان الذي تمارسه اليوم أمريكا والسعودية على الشعب اليمني بتدمير البنى التحتية لليمن، وسحق وحرق الشعب اليمني بالصواريخ الأمريكية السعودية يمكن تسميته سلام أم أرهاب؟ هل دعم أمريكا للسعودية والإمارات في عدوانها على الشعب البحرين بشرعنة إدخال قوات درع الجزيرة – كما أكدت ذلك وزيرة الخارجية كلينتون في تصريح لها من أنه من حق السلطة في البحرين الدفاع عن نفسها، مبررة ومشرعنة بذلك العدوان على شعب أعزل يطالب بالتحول الديموقراطي بالنهج السلمي، هل هذا دعم للإرهاب أم مكافحة له؟ ولابد من التذكير أن الكونغرس الأمريكي الذي وقف وصفق لرجل الإرهاب نتانياهو 43 مرة في مارس  من العام الحالي لا يمكن أن يصفق للسلام في العالم.

وأخيرا، يتناول المحور الثالث كيفية مواجهة التحديات الإقليمية في لبنان وسوريا والعراق واليمن وليبيا، وتعزيز جهود الجانبين بخصوص تحقيق الاستقرار في هذه الدول، وكيفية مواجهة تدخلات إيران –كما يدعون- في شؤون المنطقة في كل من لبنان وسوريا واليمن، وفي أماكن أخرى من المنطقة.

وهنا لابد أن نسأل: أين هي التحذيرات التي قالها السيد أوباما في شهر أبريل هذا العام من أن أكبر خطر يتهدد دول الخليج ليس التعرّض لهجوم محتمل من إيران، وإنما السخط داخل بلادهم، بما في ذلك سخط الشبّان الغاضبين والعاطلين، والإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم، في حين أن محور اللقاء في كامب ديفيد هو حول الحديث عن التحديات الإقليمية، لا الداخلية، لهذه الانظمة المدعومة من قبل الإدارة الأمريكية على مر عقود من الزمن.

وبذلك، تحاول أمريكا ودول الخليج القفز إلى الأمام ببروباغاندا مفضوحة، لتتجاوز وتغطي على الصراعات السياسية الداخلية لهذه الدول، ولتظهرها أمام العالم أنها أنظمة مستقرة، وأن التهديد الحقيقي الموهوم هو خارجي ومتمثل في “إيران”، التي ما فتئت تدعو للحل السياسي في سوريا واليمن والبحرين، بخلاف دعوات الحرب والعسكرة والقمع من فريق “كامب ديفيد”.

الرسالة التي يتوجب إرسالها للقادة الذين اجتمعوا في كامب ديفيد، هو أننا كشعوب؛ لا نتطلع من أمريكا دعمها للحرية والإستقلال، ولا مساندتها لحركات التحرر من التبعية لها ولعملائها، و أن منْ يصدّر ويدعم الإرهاب لا يمكن أن يصدّر ويدعم السلام في آن واحد.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى