ما وراء الخبر

الخطاب المعتدل ..همسة في أذن السياسيين

البحرين اليوم – متابعات ..

ما هي معايير الخطاب السياسي المعتدل؟ وما هو الإعتدال ؟! ومن يضع محددات الخطاب المعتدل؟ هل يخضع الإعتدال لموازين شرقية أم غربية، أم عروبية أم إسلامية؟

يمكن أن ندخل في شرح نظري واسع حول الخطاب وماهيته، والمجتمع المعني به، والظروف السياسية المحيطة بهذا المجتمع، ونخلص إلى نتيجة مفادها بأن الخطاب الذكي الذي يصح بأن نضعه في خانة الاعتدال هو الخطاب الذي يتناغم مع كل ما ذُكر أعلاه، أي أنه يضع اعتبارا للمعايير الغربية والشرقية ويحترم المبادىء الإسلامية والعربية ليكون له التأثير والنفوذ بين الجميع. ولكن هنا ينقدح سؤال آخر ماذا لو دخلنا في حالة التصادم بين الشرق والغرب، أو بين الشرف والرذيلة وبين المبادىء والمصالح؟!

جاء في روائع الإمام علي (ع) قوله : ” ولقد أصبحنا في زمان قد اتخذ أكثر أهله الغدر كيسا، ونسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة مالهم قاتلهم الله! قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونها مانع من أمر الله ونهيه، فيدعها رأى عين بعد القدرة عليها، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين”.

قد لا يعتبر بعض السياسيين إلى معيار الإمام علي (ع) في السياسة وفي الخطاب، ولكن الأكيد أن هذا المعيار هو ما يؤمن به شعب البحرين المحافظ والملتزم بقيمه الدينية والعربية المتوافقة مع عاداته وتقاليده وتاريخه الناصع. ولذلك لا يقبل البحرانيون بأي مواربة في القضايا المصيرية التي تمس الدين والقيم المتسالم عليها. وليس مهم عند الناس أن يحسب توجههم في خانة الاعتدال أو التطرف، إذا ما التزموا واحترموا مبادئهم وقيمهم السامية.

إن ارتماء آل خليفة في أحضان الصهاينة ثم تمكينهم من أرض البحرين بمثابة حرب معلنة على الشعب وقيمه ودينه وعروبته وانسانيته وكرامته, وهي جريمة في نظر كل الطبقات الموالية والمعارضة على حد سواء، بغض النظر عن كيفية تعاطي كل جهة مع ذلك.

عراب هذه الجريمة وبطلها بشكل جلي وواضح هو سلمان بن حمد الذي دعى قبل أكثر من عقد إلى الإنفتاح على الكيان الصهيوني، ودفع بالإسراع في هذا العار مباشرة بعد توليه لرئاسة الوزراء في البحرين. اتضح لمن يقرأ بأن التطبيع والتمكين للصهاينة هو أهم مشروع لسلمان بن حمد بعد تسلمه رئاسة الوزراء، بخلاف الآمال التي عقدها بعض السياسيين و”المحللين” الذين توسموا في عهده “المصالحة” والحل السياسي.

لكن ما يدعو للغرابة أكثر هو استمرار تشبث البعض بسلمان بن حمد كمنقذ ومخلص في البحرين، ضاربين بعرض الحائط استباحته لسيادة البلد، وحربه المعلنة على الشعب من خلال التمكين للكيان الصهيوني. الأمر من ذلك هو محاولة البعض فصل ملف التطبيع والخيانة عن قضية صراع الشعب مع استبداد النظام الخليفي الحاكم. وقول أصحاب هذا التوجه بأن ملف التطبيع يجب أن لا يكون عائقا أو مانعا من العمل على فتح نوافذ للتواصل مع “بيت الحكم” بحثا عن توافقات لحلول تنهي “الأزمة” السياسية التي عصفت بالبحرين في العام2011، وأن سلمان بن حمد هو الأمل!

لا نحتاج هنا لبذل أي جهد للكشف عن ضحالة أو سذاجة هذا التوجه الذي لا يقبله الأطفال في البحرين فضلا عن كبارهم، خاصة وأن نظام آل خليفة بات يلعب على المكشوف في علاقته مع الصهاينة ويتبجح بالرذيلة من خلال إعلانه استضافة ضابط عسكري دائم في البحرين أو تباهيه بالتعامل مع الموساد المتورط في عمليات اغتيال لقادة عرب ومسلمين، أو إعلانه التحالف الكامل مع الصهاينة وإدانته للمقاومة الفلسطينية بما يحول البحرين لساحة صراع دولي، وأرض لانطلاق عمليات عدائية ضد دول مجاورة. لكن من الجيد هنا أن نهمس في أذن السياسيين الإسلاميين والقوميين كذلك الملتزمين والمتمسكين بالقضية الفلسطينية لمراجعة خطاباتهم وإطلالاتهم الإعلامية حتى لا يبرأوا ساحة الصهيوني سلمان ويتوسموا فيه الخير. وليغادروا عقدة الخطاب “المعتدل” إلى الخطاب المواكب والمناسب مع التوجه الشعبي والملتزم بالمبادىء التي لا يجوز التفريط فيها، ويقروا بأن سلمان بدد الآمال وظهر بصورته الحقيقية رجل “إٍسرائيل” في البحرين وهو مشكلة وليس مفتاحا للحل!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى