ما وراء الخبر

الموقف العُماني المؤيد لآل خليفة: خروج عن الحياد.. أم مناورة على الاشتباك السعودي؟

البحرين اليوم – (متابعات)

كالعادة، توالت الدولُ العربية – المرتبطة بالآمر السعودي خاصة – إلى إعلان “التأييد والمساندة” للنظام الخليفي بعد إعلانه مساء أمس الأحد، ٢٦ مارس، “الكشف” عن “خلية جديدة” مرتبطة بإيران، وبثّه اعترافات مشكوك فيها لمعتقلين بحرانيين على تلفزيونه الرسمي، وذلك في محاولةٍ قال معارضون بأنها “استمرار للهروب من المأزق” الذي يواجه النظام في ظل استمرار الثورة في البحرين للعام السادس على التوالي، ومع تدفُّق المواطنين في الساحات والميادين، وتمسكّهم غير المهادن بالشعارات الثورية، ولاسيما خلال مواكب تشييع الشهداء التي لم تتوقف منذ بداية العام الجاري.

لم يتردد معارضون في التأكيد على أن “المسلسل المتواصل” من الإعلان عن “الخلايا” المزعومة؛ يأتي بإمضاء من الدول الغربية المساندة للقمع الخليفي، وعلى رأسها الولايات المتحدة بريطانيا، ويرى هؤلاء بأن “البصمة الأمريكية كانت واضحة في التصعيد الإرهابي الذي يشنه الخليفيون، وصولاً إلى إعلان الخلية الأخيرة”، مشيرين إلى “خطوط الإمداد الجديدة التي تربط آل خليفة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب”، حيث يذهب مراقبون إلى أن “شبكة” الإمداد هذه تتصل مباشرة بإسرائيل، والتي تشير التقارير الخاصة إلى أنها بدأت تدخل مباشرة في “الساحة البحرانية من خلال الخبرة الأمنية على وجه الخصوص”، وذلك تأسيساً على البدء التدريجي في “الإفصاح عن علاقات رسمية تجمع تل أبيب وآل خليفة”.

في شأن الإدانات الجاهزة، دخلت سلطنة عُمان على الخط، وأصدرت وزارة الخارجية العُمانية بيانا مقتضبا قالت فيه بأنها “تؤكد وقوفها التام مع كافة الإجراءات التي تتخذها الحكومة (الخليفية) لحماية أمن واستقرار المملكة”، وهو الموقف الذي يُعزز الرؤية “الخافتة” التي أعلن عنها معارضون سابقا بشأن “عدم اختلاف الموقف العُماني” عن بقية الأنظمة الخليجية فيما يخصّ الملف البحراني، وتذهب هذه الرؤية إلى أن النظام العُماني هو “جزء من منظومة القمع الخليجية”، كما تبيّن مثلاً بعد التعاون الأمني الصريح مع الخليفيين بعد تسليم عدد من البحرانيين إلى السلطات الخليفية وتعريضهم بسبب ذلك للتعذيب داخل السجون. وعدا عن ذلك، تضيف هذه الرؤية، فإن مسقط لم تُبادر إلى موقف “حكيم وحيادي” في شأن الأحداث في البحرين، وهو ما يُرجّح، وفق هذه الرؤية أيضا، أن “مسقط لم تكن في وارد الحياد والبحث عن السلام الإقليمي في مواقفها المعنية بملف اليمن وسوريا، وإنما كانت تحت تأثير المناوشة مع السعوديين من ناحية، وأداء دور يضمن مصالحها الخاصة من ناحية أخرى”.

وفي الوقت الذي لم يكن الموقف العُماني “فاضحا” كما هو الحال مع بيان جامعة الدول العربية الذي التحق “بالكامل” مع البيان الذي أصدرته وزارة الداخلية الخليفية بشأن الخلية المزعومة؛ إلا أن العمانيين سيكونون مضطرين لإجراء مراجعة – طفيفة أو شكلية – من موقفهم “غير المحايد” من الملف البحراني، ولاسيما بعد تصريح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، الذي وصف اتهامات الخليفيين بأنها “ادعاءات واهية” “ومزاعم كاذبة وغير مجدية”. ومن الواضح أن الموقف العُماني المؤيد لآل خليفة يدفع “ضمناً” إلى الإقرار بالاتهام الخليفي لإيران، وبالتالي التعارض معها، ولكن لن يؤدي ذلك – بالطبع – إلى تصادم بين البلدين اللذين تربطهما علاقات وثيقة “ومتميزة”.

في المقابل، يُفترَض أن يضع الإيرانيون السلوكَ العُماني حيال ملف البحرين على طاولة “الجرح والتعديل” أيضا. فهذا السلوك يختلف، مثلا، عن السلوك “الفلسطيني” الرسمي الذي عبّر بدوره عن “إدانة محاولات استهداف أمن البحرين”، وفق تعبير خارجية سلطة محمود عباس اليوم الثلاثاء. وبحسب أحد المعارضين البحرانيين، فإن طهران تستطيع أن “تختصر الكثير من الوقت والجهد بشأن مناصرة الشعب البحراني، من خلال الاستفادة من قطبين في المنطقة، القطب العُماني في الخليج، والقطب العراقي في المحيط العربي”، ويضيف هذا المعارض في مقاربة تداولها مع (البحرين اليوم) بأن “تحويل العُمانيين إلى خانة الحياد الإيجابي، ومماثلة موقفهم في اليمن مع الموقف إزاء البحرين؛ من الممكن أن يُصدِّع الحرب المفتوحة التي يواجهها البحرانيون من جانب آل خليفة وآل سعود خاصة. كما أن تمديد الاستعانة بالتأييد العراقي الرسمي لشعب البحرين، ونقل أوراق الضغط العراقية إلى عمق الدوائر المؤثرة في الغرب، ولاسيما من بوابة الاقتصاد؛ سيكون كفيلا بردع التأييد الغربي لآل خليفة من جهة، وكسْر العديد من الامتيازات الغربية التي يتحصن بها الخليفيون والسعوديون”.

على مستوى الثورة في البحرين، لم يؤد الموقف العُماني “السلبي” إلى ردود أفعال “صريحة” في الإدانة أو الهجوم العلني. وباستثناء بعض المقالات التي نشرها معارضون بارزون تندّيدا بالقمع العُماني (لاحظ مثلا مقال الأكاديمي البحراني المعارض عبد الهادي خلف في صحيفة “السفير”)؛ فقد أبقت الشخصيات والقيادات السياسية والثورية على حدٍّ سواء ما يُشبه “المسافة المفتوحة” مع النظام الحاكم في مسقط، وذلك تعويلا على “احتمال” أن يندفع العمانيون إلى توسيع سياستهم المعروفة في اليمن وسوريا، وعلى تقدير أن تدفع علاقتهم الخاصة مع إيران إلى إجراء تعديلات “جدية” في نظرتهم المعهودة بشأن الوضع البحراني.

من غير الوارد أن يتغيّر كثيرا هذا الموقف العام للمعارضة البحرانية بعد بيان الخارجية العُمانية اليوم، ليس إيمانا بحصول تغيّر إيجابي وشيك أو ممكن حيال ملف البحرين، ولكن “إدراكا بأن هناك محرّكات سياسية وراء المواقف العُمانية، تعود أساسا إلى طبيعة علاقة الاشتباك التي تربطها مع النظام السعودي من جهة، ومع الحلفاء الغربيين من جهة أخرى”. وفي المحصّلة، فإن هذه العلاقة تجعل من النظام العُماني مدفوعاً للوفاء بمصالحه أولاً وأخيرا. ما يعني، أن “السلطان” حينما يجد أن مصالحه “مضمونة، ومرعية” في حال القيام بقفزة “إيجابية” في شأن نصرة شعب البحرين؛ فإنه سيفعل ذلك من غير شك، إلا أن ذلك بحاجة – كما يقول البعض – إلى بعض المصارحة من الإيرانيين مع أصدقائهم العُمانيين، وإلى كثير من “التفاؤل”. ففي النهاية؛ أنظمة الخليج على ملّة واحدة من القمع والارتهان بالأجنبي.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى