مقالات

جلد الذات بين التفاهة و الغباء

محمد سعيد – كاتب بحراني ..

ألقت الأقدار بكثير من البحرانيين على قارعة الطريق في المنافي، فوجد البعض أنفسهم مصنفين في خانة المعارضين للنظام الحاكم في البحرين، مع أنهم لا ناقة لهم ولا جمل في معارضة النظام، بل إن من بينهم من كان في يوم من الأيام من العاملين في مؤسساته.

لا شك بأن هؤلاء ضحايا شأنهم شأن المئات من المهجرين الذين وقع عليهم الظلم واضطروا للعيش بعيدا عن الأهل والوطن. كما أن تحسسهم أو رفضهم القاطع من تصنيفهم على المعارضة هو حقهم الطبيعي، ولا يسلبهم الحق في ابداء الآراء النقدية أو الداعمة لأي من الأطراف. لكن الإشكال الذي يرد في هو في الانتهازية التي تهدف إلى تحقيق المكاسب المادية متاجرة بمعاناة الضحايا من معارضين زج بهم النظام الحاكم في البحرين في السجون وأذاقهم شتى صنوف التعذيب. الأخطر أن يكون ذلك عبر إنشاء مراكز افتراضية ماهي إلا دكاكين باسم التحول الديمقراطي ثم يكون عملها الأساس هو ضرب المعارضة وتوهينها!

هذا النشاط تحول إلى مايشبه الطابور الخامس الذي لا هم له سوى جلد الذات عبر توجيه سهام النقد للمعارضة البحرانية وتحميلها مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع في البحرين دون تحميل النظام أدنى مسؤولية! يتجاهل هؤلاء بتعمد مقصود بطش النظام وقسوته وتاريخه المتواصل منذ أكثر من قرنين من الزمن، في اضطهاد أهل البلاد الأصليين والتنكيل بهم بل واستبدالهم بغرباء لا جذور لهم في هذه الأرض.

يغمض هؤلاء عيونهم، ويصكوا أذانهم إذا وجودوا بحرانيين ينامون على قارعة الطريق مضربين عن الطعام وتحت برد قارص تضامنا مع أحرار البحرين القابعين في السجون الخليفية. يتعمدون الاستخفاف بالنشاطات النوعية وتحقير الفتية الذين ينشطون ليل نهار لايكلون ولا يملون من اجل إيصال صوت الظلامة البحرانية إلى المجتمع سواء عبر وسائل الإعلام الدولية أو المنظمات الحقوقية أو من خلال المؤسسات التشريعية في الدول الأوروبية. والتي أثمرت بإصدار البرلمان الأوروبي بيانا في مارس من العام الماضي يدين انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين. أو نجاح النشاط من خلال التواصل مع برلمانيين بريطانيين من مختلف الأحزاب في عقد جلسة في مجلس العموم البريطاني لبحث الانتهاكات في البحرين ودور الحكومة البريطانية في تواصلها.

هذه العينات الذين ابتليت بهم المعارضة البحرانية تراهم يهرولون مطبلين مع أي سراب يلوح من بعيد يظنون أنه ماء الإصلاح الكاذب. ظهرت توجهات بعضهم بصورة جلية مع تولي ولي العهد الخليفي سلمان رئاسة الوزراء خلفا لعمه، إذ تسابقوا في كتابات وتعليقات تبشر بعهد من الإصلاح، وربما حزموا شنطهم بانتظار إشارة بدء سباق العودة الذي يطلقه سلمان.

ذهبت أحلامهم أدراج الرياح! فلا إصلاح ولا بطيخ! بل مزيد من القمع واعتقال الأطفال وتعذيبهم ورفض الإفراج عن السجناء السياسيين، وغلق باب الحوار مع فصائل المعارضة المستعدة لذلك. وما أن خابت آمالهم حتى زادت تفاهتهم! فألقوا باللوم على المعارضة ووجهوا سهامهم نحو النشطاء والتزموا باحترام النظام الخليفي المستبد!

يدعون أن المعارضة ليس لها مشروع للخروج من حالة “الانسداد السياسي” التي تمر بها البحرين. نقد يكشف حالة الغباء أيضا وليس التفاهة فحسب! إذ ليس في قاموس النظام مفردة المعارضة فكل ما يريده هو السمع والطاعة! وليس في قاموسه مفردة بحرانيين! فهذا النظام قائم على فكرة فتح بلاد أوال وبالتالي فالبحرين ملك صرف لعائلة آل خليفة بزعمهم!

وعندما يسأل هؤلاء عن رؤيتهم للحل مع التسليم بأن المعارضة ليست معصومة وفيها من الأخطاء الكثير وعليها مسؤولية كبيرة! يخيم الصمت وتضيع الإجابة في كلام منمق لا يحوي أي مفيد! السبب ببساطة لإنهم لا مشروع في رأسهم ولا حل سوى تقبيل أيادي النظام وتقديم فروض الطاعة والتعهدات بالتحول إلى أبواق له أو المشي جنب الحيط! مشروعهم الانتظار، عسى أن يستفيق حاكم البحرين يوما ويطلب من ولي عهده سلمان أن يسمح لأمثالهم بالعودة إلى البحرين مقابل نيلهم من المعارضة، وتقبيل يديه والتعهد بمبايعته بيعة لا ينقضها سوى الأجل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى