حكايات الضحايا

عقيل حسن جاسم: لا أتذكر ما حدث.. ضربوني، وأصبت بالصرع.. والآن في الإنفرادي

IMG-20150414-WA0006

المنامة – البحرين اليوم

مع استمرار التعذيب الممنهج في سجن جو المركزي، تترشح كلّ يوم  حكاية أخرى من حكاياتِ العذاب.

معتقل بلدة العكر، الشاب عقيل حسن جاسم (31 عاما)، المحكوم 15 سنة، يتعرّض في جو لأبشع صنوفِ الحرمان النفسيّ والجسدي. الحالُ المأساويّة ليست مختلفةً عن باقي السجناء، إلا في تفاصيل الألمِ والمأساةِ وفي دائرتها، وفي أسماء الجلاّدين الذين يمارسون هوايتهم المعتادة في نهش الأجساد والإنقاض على الأرواح.

عقيل لم يرَ النور منذ الهجومِ البربري الذي شنته القوات الخليفيّة في العاشر من مارس الماضي.

طوال هذه الفترة، ظلّ عقيل في السجن الإنفرادي، محاطاً بكلّ ما يخطر ، وما لا يخطر، على البال من تعذيب جسديّ ونفسيّ.

    عائلة عقيل تمكنت اليوم الثلاثاء، 14 أبريل، من زيارته، وذلك لأول مرة منذ انقطاع أخباره. إلا أنّ العائلة فوجئت بأنّ عقيلاً بدا وكأنه شخص آخر.

جسمه مليء بالحروق، وبقايا التعذيب التي لازالت تنطق بحكايات الألم والمعاناة التي عبرت على جسده على أيدي الجلادين.

يتوقف عقيل عند لحظاتِ من ذاكرة “الواقعة الأليمة”، واقعة الهجوم الخليفيّ على سجن جو. الذاكرة لا تزال مثقلة بالأيّام الأليمة، إلا أنّ استمرارها يجعلها مثقلة بما هو أعظم من المعاناة العابرة، أو التي جرت فيما مضى، وما عادت هنا. واقعة “جو”، لا تزال قائمة، وهو ما يجعلُ رواية عقيل لها، أو لبعض فصولها، تُشبه الحديث عن الموت البطيء الذي يتحرّك على أجساد الأحياء.

يقول عقيل: “يوم الواقعة لا أعلم ما الذي حدث، ولا أعرف كيف تم ضربي!، كل ما أذكره أني أصبت بحالة من الصرع، وغبتُ عن الوعي”.

يواصل عقيل حديثه :”لم أستيقظ إلا و أنا في غرفة بمفردي، وقد شعرت لحظتها بآلام شديدة نتيجة الضرب”.

هذا الوصف هو ذاته الذي يرويه سجناء آخرون، ما يعني أن الجريمة كان شاملة، وممنهجة، كما يصف الحقوقيّون.

لم تتوقف الجريمة عند هذا الحد بحقّ عقيل، حيث نُقل إلى السجن الإنفرادي، وهناك كان يتعرض – بشكل يومي – لكل أنواع الضرب والإهانة.

كلّما طُرق باب الغرفة؛ يتم فتحه، ومعه ينزل العذاب: الضرب والرمي بداخل الغرفة.

كان يُجبر عقيل على توقيع أوراق لا يعلم بمحتواها. الإذلال لم يكن غائباً عن حفلات التعذيب التي جرت عليه دون انقطاع.

اختار عقيل الوسيلة المتاحة لإعلان الرفض: الامتناع عن تناول الطعام، مطالباً بإرجاعه إلى المبنى السابق، وإخراجه من الإنفرادي. لم يكن الجلادون في وضع يسمح لهم بالخروج عن طبيعتهم، والتصرّف بإنسانيّة. ردّوا عليه بأنهم سيمنعنون عنه الدواء، وسيُحرم من تناوله في حال استمرّ في الإضراب.

تقول عائلة عقيل بأنه نُقِل يوم أمس، الاثنين، بصحبة مجموعةٍ كبيرة من السجناء، إلى مستشفى السلمانية الطبي، ولم يتم السّماح لهم بالحديث مع الأطباء، أو الكلام حول ما كانوا يُعانون منه، من تعذيب قاس.

توضّح عائلة عقيل بأنّ الوضع النفسي لابنها يأخذ منحى متدهورا، وبشكل متواصل، لاسيما مع إبقائه في السجن الإنفرادي. كان جسمه يرتعشُ أثناء الزيارةِ، ويداه بدت متشققة، من غير أن تتضح أسباب ذلك.

العائلة دعت الجهات المعنية بالتحرك العاجل لإنهاء عذابات عقيل، وإرجاعه مع بقيةِ المعتقلين.

عقيل، ابن بلدة العكر، يختصر جانباً من الجنون المتدحرج الذي يمارسه الخليفيون في السجن. فهل يتحرّك ضمير العالم ويعلن صرخة رافضة في وجه النظام الخليفيّ، والعمل من أجل إنقاذ أبناء البحرين من الفك الخليفيّ المفترس؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى