مقالات

فلامرزي.. أو علي مشيمع؟

 

البحرين اليوم – (خاص)

كريم العرادي

كاتب من البحرين

 

سوق جدحفص هدف لآل خليفة. لماذا؟ أسخف ما في الأمر هو أن يظهر المدعو فلامرزي ليكون بطلاً في هذه الحكاية. والأسخف من ذلك أن يتحدث وزير سابق، كان معارضا سابقا، عن الموضوع. الرجل الذي كان بطل إغلاق مركز البحرين لحقوق الإنسان، لا أصدّقه حين يتحدث عن حقوق الناس في المعيشة ونمط حياتهم. ومنْ لا يتحدث عن استهداف السكان الأصليين، سنة وشيعة، بحارنة وعجم، هذا لا أستريح له عندما يستنكر ذبح مؤذن سني على يد آسيوي. طبعا لم يتحدث كل هؤلاء عن مجزرة الأطفال في صعدة. هذا ربما شأن سياسي خارجي، وفيه إزعاج للحكومة، وقد يخرّب سياسة المصالحة ومشروع بناء الثقة.

الأقبح من كل ذلك أن تُترك الرقّاصة أميرة هانم لكي تمارس هوايتها في السدح الدح امبو وبإيقاع من الطبلة وزير العدل خالد علي الخليفة حرام وألف حرام ألا يرفع أحد صوته لكي يقول لهذه الملعونة أن تخرس وأن تبلع لسانها النتن، وأن تخرج من أرض الأطهار، ولها أن تذهب لتهزّ للسيسي أو لحمد في خليج نعمة بشرم الشيخ، ولكن بعيدا عن بلاد الفقهاء. السكوت عن هذه هو قبول بالإهانة، والأخطر أن يكون سكوتا عن الآتي الأسود، يوم أن تهتزّ كل البحرين بالراقصات والمرتزقة ومن ذوي ثقافات بلاد السند والهند.

مسكين يا شعب البحرين. آلاف المعاناة في السجون، وليس هناك إلا بطل واحد مثل علي مشيمع وثلة من أمثاله يرفعون الراية، ويقولون كفى.. لم يعد محتملا الصمت أكثر. هذا البطل لا يتحدث عنه أصحاب الحكي عن الأسواق والأجناس والحيض والنفاس! لأنه تحدث عن شيء مزعج لآل خليفة، وأصحاب الحكي والذين سكتوا عن الحكي لا يريدون إزعاج أحد، لكي لا يزعجهم أحد عن تجارتهم وقضاء استراحتهم الطويلة.

ومثل هذه المعاناة معاناة مغتربين ومنفيين ومطاردين ليس لهم أحد ولا ناظم، ويزيد على همّهم وتفرّقهم حفنةٌ من المعارضين الذين يتقاتلون على الأوهام والوساوس الخناس. مسكين يا شعبي والله مسكين.. آل خليفة لا يستحقونك، وهذه المعارضات ليست في مستواك. لله درّكم يا رموزنا المعتقلين! الآن عرفنا وزنكم. الآن أحسسنا بوزن عبدالوهاب حسين، وبقيمة حسن مشيمع، وبضرورة علي سلمان، وفائدة نبيل رجب. اليوم نعرف أن هؤلاء وزملائهم هم الصفوة، وهم القدوة، وكانوا هم القادة الحقيقيون. اختلفوا، وما أكل بعضهم بعضا. تعارضت أساليبهم ومناهجهم، وما رأينا أو سمعنا أن أحدا ينام مستريحا وبطن أحدهم يتضور جوعا أو فيه وجع من روح أو جسد. صبروا على بعضهم وما تنابزوا ولا تشاتموا ولا تشامتوا، وما تآمر أحدهم على آخر. انتقد بعضهم الآخر علنا، وما بدّلوا تبديلا في ذلك، ولكنهم لم يصمتوا حين نال آل خليفة شعرة واحدة من أحدهم. انتهى زمن الرموز، وحلّ علينا أصحابُ المزامير والمسامير.

هل هذا يأس أو لعنٌ للظلام؟! لا.. لا.. إذا كان هذا الشعب مسكينا، لكنه لا يقبل أن يُطعَن بسكين من آل خليفة ويسكت، ولا أن يرد على الطعنة بلوم نفسه أو بطعن أبناء جلدته، ولو صدر منهم ما يسيء. قد لا ينشغل بـفناتنك بعض المعارضين، ولا بحَوَل بعضهم الآخر وتحوّلاته ذات الشمال (التحزب والتملّك) أو ذات اليمين (المال والبنون)، ولكنه ليس غبيا، لا يعرف ما يدور حوله. وهو قطعا ليس أهبلا لكي يضيع البوصلة، بأن يوجّه الدفة إلى أخطاء المعارضين، ويغفل عن مؤامرات آل خليفة. مسكين هذا الشعب، وفخر له أن يكون مسكينا في زمن السكاكين، ولكنه لن يكون ظهرا ليُركب، ولا ضرعاً ليُحلب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى