إقتصاد

ماذا بعد اندثار ثروات البحرين خلال عام 2024؟

البحرين اليوم – اقتصاد

دق صندوق النقد الدولي ناقوس الخطر في وقت سابق من هذا العام محذّرا من اندثار ثروات البحرين بعد أربع سنوات. لم تصدر هذه التوقعات من فراغ ولكن أملتها متاعب اقتصادية يمر بها اقتصاد البحرين، تفاقمت مع تفشي جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط العالمية. وأما الأسباب التي أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية ووصولها إلى هذه المرحلة الخطيرة، فمتعددة بحسب مختصين، أبرزها تزايد الإنفاق الأمني والعسكري منذ اندلاع ثروة 14 فبراير عام 2011, وفساد عائلة آل خليفة الحاكمة في البحرين، وغياب الخطط الاقتصادية الناجعة والإنفاق على التجنيس السياسي.

لم تسع البحرين لمعالجة التدهور الاقتصادي عبر تطويق أسبابه سواء بتقليص الإنفاق العسكري والأمني او محاربة فساد العائلة المالكي أو وقف سياسات التجنيس السياسي, ووضع خطط اقتصادية تنهض باقتصاد البلاد، ولكنها لجأت إلى طريقين أولهما سوق الاقتراض الدولي وثانيهما الدعم الخليجي، لكن كلا الخياران لا يبدوان كافيان على الأقل في المستقبل القريب ولأسباب مختلفة أملتها تطورات الأوضاع داخل البحرين وخارجها، واما خيار ارتفاع أسعار النفط لايبدو واقعيا في الوقت الراهن مع تدهور الاقتصاد العالمي.

البحرين اعتادت على الاقتراض من السوق الدولية عبر طرح سندات تستحق خلال اعوام مختلفة بهدف سد العجز في الميزانية وتمويل مصروفات الديون المستحقة، أي سد الدين بالدين، مما أدى إلى رفع نسبة الدين الحكومي إلى الناتج الاقتصادي إلى 130٪ في هذا العام، وتبع ذلك رفع السلطات الحاكمة لسقف الدين العام إلى نحو 40 مليار دولار بعد ان تجاوزت قيمة الدين العام حاجز الـ 30 مليار دولار. لكن خيار الدين لم يعد متاحا كذي قبل، فالمقرضون يتجنبون البحرين, لأنها أقرب إلى سيناريو اندثار ثرواتها.

فقدارتفعت عوائد السندات الدولارية للبحرين المستحقة في 2047 بشكل حاد بنحو 180 نقطة أساس منذ بداية مارس الماضي. مما دفع البحرين لتعيين بنوك دولية ومحلية من أجل الترويج لسندات دولارية لجمع سيولة مالية، ومن بينها بنوك “ستاندرد تشارترد” و”إيه.بي.سي” و”إتش.إس.بي.سي” و”جيه.بي مورغان” و”البحرين الوطني” وغيرها لترتيب اجتماعات عبر الهاتف مع المستثمرين، تمهيداً لطرح السندات على شريحتين لأجل أربعة أعوام ونصف العام، وعشرة أعوام.

نجحت السلطات في جمع ملياري دولاري من بيع سندات دولارية في شهر مايو، مما عزز الاحتياطيات الأجنبية التي انخفضت إلى نحو 800 مليون دولار في شهر أبريل وهو أدنى مستوى منذ عقود. كما يمكن لهذه الديون أن تغطي جزءا من العجز في الموازنة خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري والذي بلغ نحو 2.1 مليار دولار بزيادة 98% عن نفس الفترة من 2019. لكن تزايد الديون أدى إلى تفاقم الوضع الائتماني للبحرين وفاقم المخاطر على القدرة على تحمل الديون متوسطة الأجل بحسب محللي وكالة فيتش الائتمانية.

فقد تلقت البحرين أول تخفيض في التصنيف الائتماني لها منذ أكثر من عامين من وكالة فيتش للتصنيف الائتماني ، قبل ثلاثة اسابيع متوقعة حاجة البحرين إلى المزيد من الدعم الخليجي على المدى المتوسط. خفضت الوكالة التصنيف السيادي للبحرين خطوة واحدة إلى B + ، مما جعلها أقل من التصنيف الاستثماري بأربعة مستويات وعلى قدم المساواة مع وبوليفيا وجامايكا. ولذلك فإن اللجوء إلى الدين العام لسد العجز في الموازنة وتسديد فوائد الديون السابقة ورفع احتياطات البلاد النقدية, ستكون أبرز تداعياته تزايد الدين وخفض التصنيف الائتماني بما ينعكس سلبا على الاستثمار.

وأما الخيار الآخر فهو استمرار الاعتماد على المساعدات الخليجية, ففي عام 2018، تعهدت السعودية والإمارات والكويت بتقديم مساعدات للبحرين بقيمة 10.25 مليارات دولار على خمس سنوات مقابل إجراءات تشمل خفض الدعم وتقليص الرواتب. وأظهرت بيانات رسمية، تلقّي البحرين 4.57 مليارات دولار من الحلفاء الخليجيين، متوقعة الحصول على مبلغ إضافي من المساعدات بقيمة 1.76 مليار دولار هذا العام.

لكن الحلفاء الخليجيين هم في عسرة اليوم بسبب تهاوي أسعار النفط والتداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا الجديد، واستمرار الحرب باهظة الكلفة التي تخوضها السعودية والإمارات ضد اليمن فضلاً عن التوترات في منطقة الخليج وعلى رأسها حصار قطر المستمر، منذ الخامس من يونيو
2017.

ومن ناحية أخرى فمع تراجع أسعار النفط فإن ارتفاع الاسعار إلى 96 دولاراً للبرميل، سيكون كافيا لتحقيق التوازن في مالية البحرين ، وفق تقرير لوكالة “فيتش” العالمية للتصنيف الائتماني, لكن أسعار النفط الحالية تدور حول 40 دولار للبرميل الواحد. هذا يعني أن بقاء الأسعار في مستواها الحالي لما تبقى من هذا العام، وربما العام القادم وهو المرجح، بسبب تسارع وتيرة تفشي وباء كورونا، لن يوقف نزيف الموازنة في البحرين, ودوران البلاد في دوامة الديون والعجز وسوء الأوضاع الاقتصادية.

لكل ذلك فإن توقعات صندوق النقد باندثار ثروات البحرين في العام 2024 ستصبح واقعا خاصة مع تهرب السلطات من معالجة أسباب الأزمة واولها فساد العائلة الحاكمة. بل إنها تمعن في فسادها وتبذيرها لثروات البحرين لتلميع صورتها عبر شراء الأندية الرياضية وتنظيم السباقات, والاستثمار في شركات أجنبية متعثرة.

ولذلك فليس بعد اندثار ثروات البلاد سوى فقر أبناءها وتردي الخدمات فيها وتدهور مختلف صعد الحياة فالبلاد تسير في ظل سياسات عائلة آل خليفة تسير نحو الهاوية بجميع أبناءها الأصليين من سنة وشيعة, لايبدو من سبيل لوقف هذه الكارثة إلا عبر إجبار السلطات على تغيير سياساتها الاقتصادية ووقف فساد العائلة الحاكمة وبغير ذلك الاخيار غير خيار إزاحة هذه العائلة من الحكم أو القبول بنهاية سريعة للبحرين خلال أربعة أعوام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى