غير مصنف

متابعات: عملية الهروب الكبير من سجن الحوض الجاف.. ومعادلة الضد النوعي

Prison-Escape-Attempt

البحرين اليوممتابعات

في المسلسل الدرامي الأمريكي المعروف Prison Break (الهروب من السجن)، شكّل الشّعور بالمظلوميّة واليأس من عدالة القانون؛ الحافز الأساس للتّخطيط من أجل الهروب من السّجن. المواسم التّالية للمسلسل تعرض لمرحلة ما بعد الهروب، إلا أن الموسم الأول الذي عُرِض في أغسطس 2000م؛ شكّل بؤرة التّشويق الجماهيريّ في العمل، حيث تدور أحداثه حول يوميّات السّجن والتدبير المليء بالإثارة من أجل الهروب منه، وهي المهمة التي وجدها المشاهدون فعلاً بطوليّاً وأخلاقيّا في الوقت نفسه.

الحوافز الموضوعيّة لهذه الدراما الأمريكيّة؛ لم تكن بعيدةً عن طبيعةِ العمليّة الأخيرة التي نفّذها معتقلو سجن الحوض الجاف، وهي عمليّة تنطوي على مقوماتٍ حقيقيّة للبطولة والمغامرة المثيرة.

هذه العمليّة ليست الأولى من نوعها، ولكنها جاءت في ظلّ ظروفٍ أمنيّة ضاغطة أحاطت السجناء في البحرين. قبل أكثر من عام، وتحديدا في شهر مارس من العام 2015م؛ كانت انتفاضة سجن جو مؤشراً على غليان متنامٍ، سرعان ما تفجر في أكثر من اتجاه، وأدركت السلطات ذلك حينما أطلقت العذاب الممنهج وحوّلت السجن إلى معسكر تعذيب انتقاماً من تاريخ الاحتجاج الطّويل داخل السجن، وسعياً لإسكات أيّ صوت رافض من خلف القضبان.

أكدت عمليّة الهروب الكبير من سجن الحوض الجاف فشل إجراءات الإرهاب الخليفي، وبما في ذلك مساعيها لتوسعة إرادة القمع بحسب ما يظهر من بناء مبان جديدة أربعة في سجن جو. الطّابع الجماعي لعمليّة الهروب من سجن الحوض الجاف (17معتقلا) تنبيء عن تحدٍّ عام داخل السجن فيه قابليّة أن يكون ظاهرة مزدوجة، علماً أنّ محاولة مماثلة وقعت قبلها بأسابيع في سجن جو، ولم تكلّل بالنجاح. وهي حوادث تعزّز رسوخ فكرةالمقاومةمن الدّاخل، وعلى نحو يتوازى مع الإيقاع الثّوري الذي لا يهدأ في السّاحات وفي كلّ موقع سياسيّ وحقوقيّ يضجّ في وجه الخليفيين.

عمليّةالحوض الجافأحدثت اهتزازاً في الدّماغ الأمني لآل خليفة، وعقد وزير الدّاخليّة الخليفي اجتماعا أمنيّاًللوقوف على ملابساتهذه الواقعة، وقد خرج بتهديدات متكررة منالتستر على بقية الهاربين، حيث زعمت الوزارة القبض على عدد منهم، وتعمّدت تصويرهم بشكل مهين للتّعويض عن وقْع الهزيمة التي أحدثتها العمليّة.

هذا اللّون المتقدِّم من التّحدي غير بعيدٍ عن التّصعيد الخليفي باتّجاه توسيع الانتقام والاعتقال، فبورصة الأحكام المغلظة والمؤبدة لم تتوقف، إضافة إلى تأييد أحكام الإعدام بحقّ عدد من السّجناء، وبينهم عباس السّميع الذي يمثلأيقونةالتّحدي في السّجون، إضافة إلى علي كروف الذي استقبل مؤخرا حكم المؤبد بموقفٍ مليء بالعزيمة والتأكيد على المضيّ فيالنهجوعدم الشعور بالقلق والنّدم، وسبق ذلك احتجاجات منظّمة قام بها النّاشط محمد السّنكيس وآخرون وأمام مكتب الشّرطة في سجن جو.

حسب الإجراءات الخليفية المتتالية ضدّ السجناء، فإنّ سجون آل خليفةالتي تحتل المراتب الأولى لجهة عدد السجناء في الشرق الأوسط ـ باتت مأزقاً فعليّاً، ليس فقط لكونها أضحت مكاناً للاحتجاج وتقريع النظام، ولكن أيضاً لأنها باتت مخزناً فعّالاً للكوادر والطّاقات المؤهلة لإثخان الجبروت الخليفي الزّائف والإفشال البنيوي لسياسات الكبت والاعتقال. يؤكد ذلك تغليظ عقوبة السجن ضدّ أمين عام جمعيّة الوفاق، الشيخ علي سلمان، وكذلك الإجراءالاضطراريبالإفراج عن زينب الخواجة وترحيلها من البلاد بغير جوازها البحراني، فضلا عن إعادة اعتقال الناشط نبيل رجب، وهو ما يعني أنّ آل خليفة باتوا محاصرين في معادلةعبثيّةمؤداها أنّ ما يعتقدون أنّه حلّ لإنهاء الإزعاج ضدهم ـ أي الاعتقال والسجون ـ أضحى هو المشكلة المتدحرجة (وعلى طريقة الضّد النوعي) التي تقضّ مضجعهم وتسحب عليهم البلاء العظيم.. والآتي أعظم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى