مقالات

ملاحقة حمد عيسى بوصفه مجرم حرب: ملف النساء المعتقلات

البحرين اليوم – (خاص)

بقلم: كريم العرادي

كاتب من البحرين

 

في مثل هذا اليوم، ٥ مارس، من العام ٢٠١٧م، اعتقلت السلطات في البحرين السيدة هاجر منصور، وقبلها بثلاثة أيام تم اعتقال ابنها السيد نزار، وكذلك ابن أخيها محمود مرزوق. مر عام على السيدة هاجر وهي خلف قضبان آل خليفة، وقد تم الحكم عليها بالسجن ٣ سنوات، وكذلك ابنها وقريبها. ويوم أمس الأحد تم تسليم شقيقات الشهيد مصطفى يوسف إحضاريات للتحقيق معهن، وقد تم إطلاق سراحهن بعد مثولهن للتحقيق بالفعل. وقبل ذلك وبعده، توالت أحكام عديدة بحق النساء البحرانيات، وأغلبهن وُجهت إليهن تهمة “إيواء مطلوبين سياسيين”، وتعرضن للتعذيب وسوء المعاملة، وبأبشع ما يمكن أن يتصوره عقل “عربي” جُبل على أخلاق العروبة والإسلام.

 

قصة السيد هاجر تختصر أكثر من حكاية من حكايات البحرانيات مع آل خليفة. لم يكن اعتقالها مجرّدا من شراسة الحقد والانتقام التي تعشعش في الرأس الدنيء لحمد عيسى الخليفة، فهذا الحاكم المكروه من شعبه؛ أثبت مرارا وتكرارا بأنه مطبوع بكل خصال المتشبعين بغريزة القتل والغدر وانتهاك المقدسات. لم يترك سيء الذكر مقدسا دون أن يطبع عليه فظاعة أو بصمةً من عار، وكأنه مثل عمه، مصّاص الدماء، لا يطيق العيش من غير أن يغرس أنيابه النتنة في المقدسات فينتهك الأعراض، والمساجد، والشعائر الدينية، والأنفس المحرَّمة، حتى بات هذا المنحوس جديرا بأن يُلاحَق بالفعل باعتباره مجرم حرب من الدرجة الخطيرة، وعلى المعارضين أن يضعوا هذا الأمر بالحسبان إنْ هم أرادوا حقا قيامة حقيقية لمعارضة سياسية تتناسب مع ما جرى ويجري على أيدي هؤلاء الأوباش.

من المؤسف أن اعتقال واستدعاء النساء في البحرين لم يواجَه بمعارضة وتصدّ متناسب، وعلى الوزن الذي شرّعه آية الله الشيخ عيسى قاسم في صرخته المدوية “اسحقوه”، وهو الموقف الذي أكد عليه من منبره في صلاة الجمعة في التصدي لكل من “ينتهك عرض فتاة مؤمنة”. بكثير من الوحشية؛ تمادى الخليفيون في ارتكاب هذه الجريمة، وليس انتهاءا بما حلّ بالناشطة ابتسام الصائغ في العام الماضي، وقد كان هذا التمادي متوقعا لأنهم أولا وجدوا من يحميهم من أية ملاحقة قانونية دولية، وثانيا لأن هناك تواطوءا دوليا وقحا مع جرائم هذا النظام الوضيع، وثاليا لأن الموقف المحلي الرافض لهذا النوع من الجرائم لم يكن تصاعديا وثابتا، حيث كان حريا بالجميع أن يلتم حول إستراتيجية “اسحقوه”، وأن يتم تنويع الاحتجاجات على المنوال الذي يردع هذه الجريمة ويلاحق مرتكبيها في المحاكم الدولية، وبكل السبل والخيارات المتاحة.

كل قصة من قصص النساء البحرانيات المعتقلات تستحق أن تكون ملفا يحمله المعنيون في كل مكان للمجاهرة بمحاكمة حمد وعدم إبطال الحق في اعتباره مجرم حرب. وهنا، حري بالمعارضين السياسيين أن يحتذوا مثلا بالإيقاع الحثيث للناشط الحقوقي السيد أحمد الوداعي في ملف اعتقال النساء، وخاصة عمته السيدة هاجر، حيث نجح إلى حد لافت في موضعة هذا الملف في صُلب الاهتمام الأممي والرأي العام الغربي. مع وتيرة أوسع أكثر سياسة؛ يمكن للمعارضة السياسية أن تثبّت أقدامها على ملف “حقوقي” مفتوح على ملفات السياسة والعدالة الانتقالية وتقرير المصير، فالحاكم المجرم الذي يعطي الضوء الأخضر لذئابه لافتراس النساء؛ هو فاقد لشرعية البقاء، ومطلوب للعدالة بامتياز، ولا مناص من إسقاطه وإقامة حكم آخر مكانه يزيح هذه الصفحة السوداء التي تلطخ الأرض والعباد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى