من المنامة-البحرين اليوم:
وقف ثلاثة من رجال الله المطاردين في البحرين في شهر يونيو من العام ٢٠١٣ أمام منزل امراة بحرانية أصيلة، يطلبون أن تجيرهم وتحميهم من بطش السلطات، التي لا ترحم الكبير ولا الصغير ولا المراة والطفل.
المرأة ما كان منها، وهي التي تربت تحت المنابر الحسينية، إلا أن تأويهم. فضميرها ودينها وواجبها الوطني يدعوها لنجدتهم. إنها “طوعة” البحرانية التي اتخذت من طوعة الكوفية قدوة لها عندما استجار بها مسلم بن عقيل رسول الحسين عليه السلام إلى أهل الكوفة، الذين انفضوا عنه، وتركوه لقمة سائغة لابن زياد. فأنى لأم علي أن تترك شابين بحرانيين فريسة لعبيدالله العصر؛ حمد عيسى الخليفة؟
لم تكن تأبه هذه المرأة الشجاعة لقسوة السلطات وبطشها، فهي تؤدي عملا مقدسا يتمثل في انقاذ حياة ثلاثة شبان أبرياء وهم كل من سيد هاشم ومحمد العكراوي ونضال العصفور ؛ والتحق بهم آخر يدعى “عبدالله الحلو”، الذي أثبتت الأيام بأنه لا يحمل من الجمال سوى الاسم، فقد بان قُبح نفسه التي جبلت على الخيانة. لم تكن أم علي آدم تعرف هذا الشخص الذي خدعها وخدع أصدقاءه. عاملته كما عاملت الآخرين، باعتبارهم أبناء لها، إلا أنه خانها، وخان صحبه، كما خان ابن طوعة من قبل، وسلّم مسلم ابن عقيل لابن زياد، طمعا بالجائزة.
وهكذا فعل عبدالله الحلو، الذي بلّغ سلطات آل خليفة عن مكان تواجد المطاردين. وعند فجر أحد أيام شهر يونيو من العام الماضي؛ كان مرتزقة النظام الخليفي يحتلون منزل أم علي ليلقوا القبض على المطاردين، وليعتقلوا صاحب المنزل آدم. وأما علي ابنها؛ فقد عاد لتوه من الهند لزيارة الأهل أثناء عطلة دراسية جامعية. خافت عليه أمه فأخفته، إلا ان المرتزقة تمكنوا من القبض عليه مع أبيه.
صادر المرتزقة سيارات العائلة الثلاث، وجميع هواتفهم النقالة، وكذلك فعلوا مع الشابين المطاردين. ساقوهم إلى التحقيقات، ولم تتمكن أم علي من سماع صوت زوجها وابنها إلا بعد أربعة أيام. كانا قد تعرّضا خلالها إلى تعذيب شديد قبل نقلهما إلى سجن الحوض الجاف، لتصدر محكمة خليفية حكما بعد ذلك على زوجها بالسجن لمدة خمس سنوات، وأما ابنها؛ فكان نصيبه سبع سنوات سجن مع سحب الجنسية، وأما تهمته فهي: “عضو غير فعال في جيش المهدي!”.
علي، الطالب الجامعي الشاب، يعاني من ضعف في البصر، وهو على وشك أن يفقد بصره اليوم في المعتقل مع حرمانه من العلاج والرعاية الطبية اللازمة.
السلطات لم تعاقب أم علي، المستعدة لتحمل أي عقاب شرط الإفراج عن زوجها وابنها، إلا أن البعض قرّر معاقبة أم علي!
فهذه المرأة الشجاعة التي وقفت وقفة حسينية يُمليها الضمير والشرع؛ اعتبر “البعض” موقفها تهورا وإلقاء للنفس في التهلكة!! فقرّر مقاطعتها لأنها تسببت بإدخال زوجها وابنها في السجن! وكأن السلطات الخليفية بحاجة إلى دليل أو حجة لاعتقال الأشخاص، وهي التي لا يسلم من بطشها أحد في البحرين؟!
أم علي، امرأة بحرانية شجاعة لازالت ترى أنها قامت بواجبها، وليست نادمة على ما حصل.
إنها لا تستحق سوى الثناء والتقدير والوقوف معها في محنتها ومواساتها، فهي وزوجها وابنها والمطاردين؛ ضحية لخيانة منْ باع نفسه مقابل حفنة من الدنانير.
الأخبار تشير إلى أن الخائن، عبدالله الحلو، قبض ٨٠٠٠ دينار وقطعة أرض ثمنا لخيانته التي سيلاحقه عارُها وحتى يوم الدين.
أم علي تتوجه بندائها للمنظمات الحقوقية المحلية والدولية راجية منها المساعدة في إطلاق سراح زوجها وابنها، كما وتطلب توفير الرعاية لابنها الذي يوشك أن يفقد بصره، كما أنها توجّه شكرها لكلّ منْ وقف معها في محنتها، ولا يسعها إلا العفو لمنْ أساء لها وحمّلها مسؤولية ما حصل!
إنها البحرين.. فصول من المعاناة والإستبداد في ظل نظام قبلي أدمن تعذيب البحرانيين والتنكيل بهم. الفصول ستستمر، ولا شك، إلى أن يأتي ذلك اليوم الذي يدفع فيه الخليفيون ثمن جرائمهم بحق الشعب، كما دفع طغاة المنطقة الثمن من قبلهم.
