من واشنطن-البحرين اليوم
كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في عددها الصادر اليوم الأربعاء (11 مايو 2016) عن جانب من المراسلات الإلكترونية التي جرت بين “جيفري فيلتمان” مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى مع مسؤولين في الإدارة الأمريكية حول الإحتلال العسكري السعودي للبحرين في مارس من العام 2011.
وتظهر سلسلة من المراسلات عبر البريد الإلكتروني والتي مرّت عبر الخادم الخاص لوزيرة الخارجية الأمريكية حينها هيلاري كلينتون, محتوى المعلومات المتبادلة بين مجموعة واسعة من المسؤولين والإداريين في الحكومة, الذين كانوا يشرفون بشكل روتيني على إدارة السياسة الخارجية الأمريكية عبر أنظمة كمبيوتر سريّة.
وجاء في احد الرسائل التي بعثتها “ستيفاني ويليم” الى عدد من المسؤولين ومنهم “فيلتمان ” انها تلقت شكوى من حكومة البحرين حول احد البيانات التي أصدرتها وزارة الخارجية والتي اعتبرتها “أحادية الجانب” ولم تأخذ بنظر الإعتبار ماسمته الحكومة ” اعمال العنف المرتكبة من قبل المتظاهرين”.
وفي رسالة أخرى بعثها “فيلتمان” الى المسؤولين الحكوميين أعرب فيها عن إعتقاده ب” عدم القدرة على منع دول مجلس التعاون الخليجي من ارسال قوات الى البحرين”.
واوضح جيفري أن ذلك يتم في إطار الاتفاقية الأمنية الخليجية. وقال جيفري “إن زعماء دول مجلس التعاون الخليجي يرون بوضوح أن ما يحدث في البحرين يمثل تهديدا وجوديا، وأن ما أسماه بالمظاهرات الإستفزازية تتزايد و أن الوضع في البحرين أصبح لا يطاق لدول مجلس التعاون”.
وحث جيفري الإدارة الأمريكية ووزارة الخارجية على استخدام نفوذهما لتعزيز فكرة أن العنف ضد المتظاهرين المسالمين قد يسبب “أزمة في علاقتنا” ، وأن قوات مجلس التعاون الخليجي بحاجة إلى ممارسة ضبط النفس”.
ونوّه جيفري الى ان دول الخليج ستعتبر ذلك “شأناً داخلياً”. واوضح بان التصريحات الحكومية العلنية ستكون حسب “سلوك تلك القوات على الأرض”.
وجاء في رسالة أخرى بعثها “ديبورا جونز” سفير الولايات المتحدة للكويت أشار السفير الى مكالمة هاتفية جرت بينه وبين شخص يدعى دكتور محمد وأوضح فيها بأن الكويت لا تعتقد بان التدخل العسكري هو “الحل الأفضل”, لكنها لم تعترض على المقترح السعودي.
وتقل السفير عن محمد قوله ” مالذي عناه توماس جيفرسون من ان شجرة الحرية تحتاج الى ان تسقى بدماء الشهداء والوطنيين؟ حسنا يبدو ان المعارضة اختارت ذلك”.
وفي رسالة أخرى ينقل فيلتمان عن وزير خارجية الإمارات عبدالله بن زايد تأكيده على أن ” السعودية والإمارات سترسل قواتا الى البحرين ويقول ان حكومتها طلبت ذلك” وأوضح فيلتمان أنه طلب من عادل الجبير , سفير السعودية السابق لدى واشنطن توضيحا في هذا الشأن.
ونقل فيلتمان عن بن زايد تأكيده وجود قوات على الجسر الرابط بين السعودية والبحرين. واوضح فيلتمان أنه سأله عن الهدف من ذلك وكان جوابه” أن دولة الإمارات العربية المتحدة تلبي دعوة لاستعادة النظم”.
وادعى فيلتمان إثارته لبواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان, وعبّر عن شعوره بان القوات الإماراتية السعودية “سوف يثير الشيعة المتشددين لإتخاذ المزيد من الإجراءات وتقويض الشيعة المعتدلين، الذين لن يكون لهم خيار سوى الرد بنفس الطريقة التي يتعامل بها المتشددون”. وأعرب فيلتمان لبن زايد عن قلقه حول إمكانية تجنب العنف لأن الإمارات” ليس لديها تاريخ من الاحتجاجات في الشوارع”.
ونقل فيلتمان عن بن زايد قوله “إن الإمارات لن تتدخل لقتل الناس” وأضاف” لقد مدّ ملك البحرين يده طويلا وإن دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى لن تقف مكتوفة اليدين وهي ترى الآخرين يأخذون البحرين رهينة”.
وأضاف جيفري لقد أخبرته بان ازمة ستقع بيننا فيما لو كان هناك عنف, ونقل عنه قوله” مفهوم, ولكن الموضوع شأن داخلي”. وأردف ” لقد حّذرته من اننا سنصرّح علنا” وكان ردّه بان دول المجلس ستتعامل مع التظاهرات في العاصمة المنامة.
وأوضح فيلتمان بأن عبدالله بن زايد نصحه بعدم الذهاب الى البحرين في اليوم التالي وكما كان مخطّطا له,وكشف جيفري عن طلب مماثل تقدم به وزير خارجية البحرين خالد الخليفة الى السفارة الأمريكية في المنامة.
لكن جيفري أبدى في رسالته إصراره على إتمام الزيارة مضيفا ” إذا وقعت أزمة غدا فيجب ان اتواجد هناك لدعم عمل سفارتنا” وطلب من السفارة في الكويت التهيؤ لإستقباله فيما لوتوقفت طائرته في الكويت.
يذكر ان تلك المراسلات تمت في يوم 13 مارس 2011 , عشية الإحتلال السعودي للبحرين. كما تجدر الإشارة إلى أن وزير الدفاع الأمريكي “روبرت غيتس” قد التقى بالحاكم الخليفي قبل ليلة من دخول قوات الإحتلال، الأمر الذي فسره بعض المراقبين على أن موقف الخارجية ربما كان متناقض مع موقف وزارة الدفاع. وأياً تكن الملابسات فالنتيجة أن الولايات المتحدة قد بررت لاحقا التدخل العسكري في البحرين، ورجع بعض العارفين على أن ذلك يعود إلى أن دول الخليج كانت متكفلة بتمويل الحرب في ليبيا آنذاك.