ما وراء الخبر

السعودية وقطر تتفقان على استبعاد البحرين من المصالحة الخليجية

رأي البحرين اليوم – خاص

عادت قضية المصالحة الخليجية إلى الواجهة مرّة أخرى، مع وصول مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر إلى المنطقة، في مهمة زار خلالها الرياض والدوحة، ما أثار تكهنات بشأن تدخل أميركي لحل الأزمة الخليجية التي مرّ عليها أكثر من ثلاثة اعوام.

وما عزز تلك التكهنات هو إعلان دولة الكويت في بيان مقتضب حصول تقدم في مساعي حل الأزمة، وسط توقعات بإصدار بيان خلال القمة الخليجية المزمع عقدها في الرياض مطلع العام الجديد في 5 يناير، ليضع بذلك حدا لأكبر أزمة عصفت بمجلس التعاون الخليجي منذ إنشائه قبل قرابة الأربعة عقود.

إلا أن اللافت في هذا الحراك هو اقتصاره على السعودية وقطر دون إشراك باقي دول الحصار وهي الإمارات والبحرين ومصر. يمكن تفسير استبعاد الأخيرة نظرا للبعد الجغرافي ولكونها انضمت لقرار اتخذته السعودية والإمارات بشأن قطع العلاقات مع الدوحة وفرض حصار عليها إلا أن استبعاد المنامة وأبو ظبي من المحادثات أثار تكهنات بشأن الدوافع التي تقف خلف ذلك.
وقبل الخوض في تلك الأسباب لابد من الإشارة الى أن حالة من الانزعاج اعترت النظام الحاكم في البحرين جراء ذلك وقد عبرت عنها وسائل الإعلام التابعة للنظام التي صعدت من لهجتها العدائية لقطر، وإلى الحد الذي أظهرت فيه أطماعها في أراضيها. كما أن السلطات ضخمت من حادث إيقاف خفر السواحل القطري لقاربين من خفر السواحل التابع للبحرين، وإلى الحد الذي وصفت فيه الأخيرة الحدث بالعدائي.

وأما السبب في تجاهل قطر للبحرين، فهو ليقينها بأن آل خليفة فقدوا القرار السيادي الذي أصبح بيد الرياض منذ أن احتلت قوات الأخيرة البحرين في مارس 2011 في محاولة لإنقاذ النظام الذي كانت ثورة 14 فبراير قد أوشكت على إسقاطه. كما أن فساد النظام الحاكم في البحرين وانخفاض أسعار النفط حوله إلى تبع للرياض التي تستخرج النفط من حقل بوسعفة المشترك، لتعطي منه حصة المنامة. ولذلك فإن البحرين لا قرار لها بشأن الأزمة مهما أزبدت وأرعدت وأن القرار بيد الرياض التي فيما لو اتفقت مع قطر على حل الأزمة فإن البحرين ستقبل صاغرة بمثل هذا الاتفاق ودون أية معارضة.

تعي قطر هذه الحقيقة وهو ما يفسر تجاهلها للبحرين في مثل هذه المحادثات المهمة. ودون أي عناء استطاعت قطر أن تحول قمة دول مجلس التعاون إلى الرياض بعد ما كان من المقرر انعقادها في المنامة، ووجهت بذلك صفعة قوية للنظام الخليفي الذي استجاب للإملاءات القطرية عن طريق السعودية. ولعجزه عن رد الاعتبار ذهب النظام الخليفي إلى تحريك أبواقه الإعلامية لمهاجمة قطر محاولة استغلال قضية الصيادين البحرانيين في مسرحية بائسة لم يتفاعل معها أحد غير المخرج والممثل فيما خلا المسرح من الجمهور. لقد تجرع الصيادون البحرانيون الويلات من النظام في داخل البحرين، وأدخلوا السجون، وفرضت عليهم الغرامات، وتعرضوا للمضايقات، ومنعوا من حرية الصيد في داخل البحرين، والأكثر من هذا كان النظام في داخل البحرين يبرر ويدافع عن أي إجراء تقوم به سلطات خفر السواحل القطرية ضد الصياديين البحرانيين، ولذلك فإن الهجوم الخليفي المفتعل رد عليه البحرانيون قبل القطريين.

لقد أثبتت هذه الأزمة مرة اخرى بأن النظام الحاكم في البحرين لا يمتلك القرار وأنه منفذ لتوجيهات الرياض، وبالتالي يتحمل تبعات السياسات السعودية البائسة التي جرت الويلات على المنطقة. ولعل مغامرة الحرب على اليمن إحداها، التي تدفع السعودية اليوم ثمنا باهضا لها ستكون له انعكاسات على البحرين. فالسعودية وبعد مرور قرابة الست سنوات على الحرب أصبحت منشآتها النفطية وعصب اقتصادها تحت مرمى اليمنيين، الذين يدكونها بين الفينة والأخرى مما ينعكس سلبا على البحرين ايضا.
كما أن هذه الأزمة أثبتت مرة أخرى بأن هذا النظام الخليفي لا يمكنه أن يتخذ قرارا بإصلاح الأوضاع داخل البحرين، سواء عبر إجراء انتخابات حرة ونزيهة أو من خلال تقاسم السلطة، لسببين واضحين الأول أن مثل هذه القرارات لا يريدها، والثاني بأنه لا يجرؤ على اتخاذها قبل أن يأتيه ضوء أخضر من الرياض، التي تعارض بشدة أي عملية تحول ديمقراطي في المنطقة.

لكل ذلك فإن على المعولين على إمكانية إصلاح النظام في البحرين، أو المراهنة على بعض رموزه أمثال عراب الصهيونية سلمان الخليفة لتحقيق تحول إيجابي في البلاد، هي رهانات على حصان خاسر. كما أن أبواب قصور الرياض ستظل موصدة في وجوههم، وأن أبواب الرفاع لن يجدوا خلفها سوى جرعة مخدرة أخرى أقل حتى من جرعة العام 2000، التي دام مفعولها عام، وعاد بعدها حمد الخليفة إلى الانقضاض على الميثاق وتحول إلى وحش كاسر على شعب البحرين.

ومع أن الخليفيين ذهبوا للتطبيع، وسلموا أمرهم وقرارهم للسعودية والصهاينة، إلا أن موقعهم يتراجع خاصة بعد الخسارة الكبيرة التي مني بها رئيسهم دونالد ترامب، ولهذا فإن النظام ومن وراءه السعودية سيضطرون عاجلا أم آجلا لتقديم التنازلات على صعيد العدوان على اليمن أو القضايا الداخلية، لكنهم يبحثون مقابل ذلك إلى الحصول على أثمان سياسية تحفظ ماء وجوههم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى