تقارير

المعركة الخاسرة ضد الشيخ عيسى قاسم: التناقض في الموقف الرسمي وتفريغ “سطوة الانتقام”

DP4kZTaWsAAbUWI
خطاب رفعه اللورد سكفرين إلى وزارة الخارجية البريطانية حول الوضع الصحي لآية الله الشيخ عيسى قاسم في ٣٠ نوفمبر ٢٠١٧م

البحرين اليوم – (خاص)

بعد كل التداعيات التي جرت منذ شهر يونيو ٢٠١٦م وحتى اليوم، فإنه من غير العسير أن يصل المرء إلى نتيجة مفادها أن النظام النظام الخليفي في البحرين تورّط على نحو واسع في ملف حصار آية الله الشيخ عيسى قاسم، ولاسيما بعد التنديد الشعبي والضغوط الخارجية حيال فرض الإقامة الجبرية عليه في منزله بالبلدة بعد التدهور الأخير في صحته وحرمانه من المتابعة الصحية التي يراها مناسبة. وقد توالت ردود الفعل والتصريحات الرسمية وغير الرسمية القريبة من النظام، والتي أكدت في الإجمال حجم “الورطة” ومحاولات النظام غير الناجحة للخروج منها.

في العاصمة البريطانية لندن، وبعد أن رفع اللورد سكريفن رسالة إلى الخارجية البريطانية حول الوضع الصحي للشيخ قاسم، وتساءل فيه عن الإجراءات التي اتخدتها لندن في هذا الصدد مع الحكومة في البحرين؛ نشرت السفارة الخليفية في لندن بيانا نفت فيه أن يكون الشيخ قاسم قيد الإقامة الجبرية، وذلك في تناقض واضح مع ما أعلنته سفارة آل خليفة في واشنطن، بحسب ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز، وقالت فيه بأن “الإقامة الجبرية على الشيخ قاسم لم تحُل دون حصوله على العلاج الملائم”.

ويُحيل هذا التناقض على التصريحات الصحافية التي صدرت عن وزارة الداخلية الخليفية بعيد الهجوم الدموي على بلدة الدراز في مايو الماضي، والذي تلاه محاصرة منزل الشيخ قاسم ومنعه من حرية الحركة والمتواصل حتى اليوم. وقد نفى في حينه طارق الحسن، رئيس ما يُسمى الأمن العام، وجود قرار بفرض الإقامة الجبرية على الشيخ، وادعى بأنه في حال وجود هذا القرار فسوف يتم الإعلان عنه. ولم تصدر السلطات داخل البحرين أي إعلان “صريح” بهذا الخصوص، ولكنها في الوقت نفسه أقرّت بانتشار قواتها العسكرية في بلدة الدراز، ولاسيما مع البيانات التي أصدرتها جهات دولية وأممية ضد حصار الدراز، وفشلت السلطات الخليفية أكثر من مرة في إخفاء هذا الانتشار “والتوتير الأمني” الناتج عنه رغم تنظيم زيارات لـ”مسؤولين” خليفيين في بعض أحياء البلدة وإجراء مقابلات إعلامية “مفبركة” مع بعض المارة، إضافة إلى الإيعاز لبعض الأفراد لمقابلة الحاكم الخليفي حمد عيسى وإظهارهم على أنهم “يمثلون أهالي البلدة”، وهو ما أحبطه الأهالي أنفسهم بإصدار أكثر من بيان ندّدوا فيه بهذه المحاولات، فضلا عن الأثر “الحاسم” الذي وفّره إصرار الأهالي على تنظيم الفعاليات والاحتجاجات المنددة بالحصار والدفاع عن الشيخ قاسم.

في السياق نفسه، وبعد تدهور وضع الشيخ قاسم يوم الأحد الماضي؛ فقد جرّب النظام “إخفاء” حقيقة الوضع الصحي المتدهور للشيخ، وأوعز لبعض الشخصيات (تقي الزيرة) لإصدار مواقف تزعم بأن حمد عيسى ووزارة الداخلية “حريصون على توفير الرعاية الصحية الأرقى” للشيخ قاسم، وذلك في “موقف باهت” كما قال ناشطون ذكّروا بأن الحاكم حمد عيسى هو من يقف وراء كلّ عمليات الاستهداف التي تعرّض لها الشيخ، متسائلين “كيف يكون حريصا على صحة الشيخ وهو منْ يتسبب في قتله ببطء؟”.

كذلك، كان إرسال سيارة الإسعاف إلى منزل الشيخ في اليومين الماضيين، وامتناع الشيخ عن الذهاب إلى المستشفى بسبب عدم حرية اختياره لها؛ عاملا آخر في إظهار تناقض المواقف الرسمية في هذا الملف، حيث أصدرت وزارة الصحة – وبإيعاز من الأجهزة الأمنية – بيانا أمس الجمعة ادعت فيه السماح لدخول طبيبين لمعاينة الشيخ في منزله المحاصر، وانطوى البيان على اعتراف ضمني بعدم حرية الشيخ وإمكان الدخول إلى منزله، وذلك بعد أن أشار البيان إلى أن “تسهيل” إجراءات دخول الطبيبين، ما يؤكد أن الوضع غير طبيعي في محيط المنزل، فيما وقع البيان في “تناقض” آخر حينما أوحى بأن الوضع الصحي للشيخ قاسم ليس خطيرا، وأن طبيبا عاينه في منزله و”حرّر له وصفة طبية” وكأن الأمر توقف عند الحال.

وكانت مصادر إعلامية تحدثت عن نفي عائلة الشيخ قاسم لما جاء في بيان وزارة الصحة، كما أن “الأحاديث” التي نقلها رجل الأعمال تقي الزيرة عن مسارعة إدارة مستشفى البحرين الدولي (الخاصة) لتوفير “جناح ملكي” لمعالجة الشيخ، وقيام صاحب المستشفى فيصل الزيرة بقطع رحلته في الخارج وعودته البحرين اليوم السبت ٢ ديسمبر ٢٠١٧م؛ يشير إلى أن الحالة الصحية للشيخ “ليس عادية كما أوحى بيان الوزارة”، علما أن المصادر القريبة من الشيخ قاسم أكدت بأن وضعه الصحي يُشبه “الموت البطيء” مع بلوغ وزنه ٤٠ كلغ وعدم استطاعته الحركة في معظم الوقت، وبروز مضاعفات صحية أخرى في موضع لإحدى العمليات السابقة التي أجراها.

أمام التنديد و”التهديد” الذي أصدرته مرجعيات دينية وسياسية “وعسكرية” في الإقليم الإسلامي؛ و”الفشل الفادح” للنظام في إجبار الشيخ قاسم على الخضوع لإملاءاته وشروطه في فك الحصار ورفع القيود المفروضة عليه؛ فإن الخلاصة الواضحة تفيد بأن “الخسران المبين” كان من نصيب آل خليفة، وعلى أوسع نظاق، وذلك رغم التصعيد الدراماتيكي “غير المسبوق” الذي استهدف الشيخ ومحيطه الديني والوطني والشعبي، وذلك في معركة “متعددة الاتجاهات والأهداف” بدأ أوْجها في يونيو من العام ٢٠١٦م ثم في مايو ٢٠١٧م، وشملت:

  • إغلاق جمعية (الوفاق) التي كانت الواجهة السياسية الرسمية التي تنتسب إلى الشيخ قاسم.
  • سحب الجنسية البحرانية عن الشيخ قاسم، والتلويح أكثر من مرة بنفيه خارج البلاد.
  • تجريم فريضة مركزية في المعتقد الشيعي (الخمس)، وتثبيت ذلك بإحالة الشيخ وآخرين إلى المحكمة وإصدار حكم إدانة ضدهم.
  • فرض الحصار العسكري على بلدة الدراز، وتنفيذ سلسلة من علميات الانتقام ضد الأهالي.
  • منع إقامة صلاة الجمعة المركزية في جامع الإمام الصادق في الدراز.
  • فرض قانون الأحوال الأسرية، في تحدّ صريح للموقف الذي تصدّره الشيخ قاسم في مواجهة القانون لمخالفته الشريعة.
  • توسيع نطاق القمع الدموي في البلاد بتنفيذ الإعدامات، واعتقال النساء، وإخلاء الساحة من الناشطين السياسيين، إما بالإسكات القمعي عبر تفعيل دور “جهاز الأمن الوطني” أو الاعتقال وإصدار الأحكام القاسية، مع الاستمرار في سحب الجنسية ونفي المواطنين قسرا خارج البلاد.
  • الهجوم الدموي على المعتصمين بجوار منزل الشيخ في الدراز، وقتل ٥ مواطنين، واعتقال المئات.
  • فرض الإقامة الجبرية العسكرية العلنية على الشيخ في منزله.
  • تفعيل المحاكمة العسكرية لعدد من المواطنين والنشطاء، مع استهداف ناشطين من الدراز، وعلى مقربة من الشيخ قاسم.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى