الدكتور إبراهيم العراديمقالات

الوطنية الزائفة في البحرين.. تزوير للوطن

البحرين اليوم – (خاص)

بقلم: الدكتور إبراهيم العرادي

ناشط بحراني مقيم في لبنان

 

ما هو الوطن؟

كلمة (وطن) قسّمت البشر إلى صنفين لا ثالث لهما، صنف رأى في الوطن مجرد بقعة جغرافية يعيش عليها، يأكل فوقها وينام ثم يُدفن فيها. وصنف آخر ربط هذه الكلمة (وطن) وكلَّ معانيها بأغلى القيم الإنسانية النبيلة.. ربطها بـ”الكرامة” و”الحقوق” و”الانتماء والهوية”. فلا وطن بلا كرامة، ولا وطن أو مواطنة بدون حقوق. بمعنى آخر، إذا ضُربت هذه المعاني؛ فلا قيمة حينئذ لكلمة (وطن)، سواء كُبرت أم صغُرت رقعته الجغرافية، وموقعه على الكرة الأرضية.

استخدمت الأسرة الخليفية الحاكمة في العقود المنصرمة، وحتى هذه اللحظة، ستارا شكليا شفافا وكاذبا لترويج معاني الوطنية الزائفة، والتي تختارها وتفرضها على منْ تشاء في المجتمع، مستغلةً لعبة الصور الفوتغرافية ومقاطع الفيديو في مناطق معينة ومحددة، لتقول للرأي العام الخليجي والعربي – وأيضا الدولي – وعبر لقطات يشمئز منها السني قبل الشيعي، بل وتضرب عمق هويته وتاريخ آبائه وأجداده – لتقول إنها هذه هي المواطنة في البحرين! وقد ساعدها على ذلك – وللأسف – بعض الأشخاص الضّعاف المستسلمين الخانعين، وهم – بحمدلله – قلة قليلة، قبلت أن تكون أسيرة للأسرة الحاكمة الظالمة، وبأرخص الأثمان.

 

ماذا نكتشف تحت غشاء وطنية العائلة الخليفية؟ الرقصات الهندية.. الأغاني بلغة الأوردو.. “الداعرات” المستأجرات للرقص في الملاعب والفنادق، وعلى شوارع البحرين.. ومؤخرا نكتشف الثقافة الإسرائيلية الصهيونية! كل هذه المظاهر لا تمتّ للبحرين والبحرانيين بصلة، وهي بالتأكيد صورة مزورة و”مخصيّة” من الوطنية، وهي الصورة التي تروّج لها السلطة الخليفية عبر إعلامها المأجور ليلا نهارا، لتفرض وطنيتها المشوِّهة على تاريخ وحاضر الوطن، وعلى مرأى العالم.

من هم الوطنيون الذين عشقوا الوطن وفهموا حقيقة الوطنية؟ هم أؤلئك الذين تصدّوا للرصاص بصدور عارية في معركة الوجود والوطن. أولئك الذين قاسوا ليالي الإحتجاز والتعذيب وضرْب السياط في ظلمات السجون. وأولئك اللآتي فقدن أبنائهن وأزواجهن وتعرضن للضرب والتنكيل. أولئك الذين لم يساوموا، وما غيروا خطهم الثوري والوطني منذ عقود، وما ركنوا يوما لأي ظالم. وأيضا من هم أولئك الذين تحمّلوا وصبروا على الملاحقات الأمنية، وكذلك الذين لا زالوا مقاومين في المهجر. نعم؛ هؤلاء ضحّوا بأمنهم ومستقبلهم لكي لا يُسبى الوطن من قبل حفنة أنذال حكموه بالقهر، ويعاونهم في ذلك مجموعة من المنافقين المفضوحين الذين قُتلت فيهم الغيرة، ومات في داخلهم معنى الوطن الحقيقي.

في يوم عيد الشهداء.. تحية لكل منْ ضحوا.. ونسأل الله الثبات للباقين على تحقيق حلم الوطن الأكبر.. حلم الحرية والعدالة وسقوط الديكتاتوية الخليفية الحاكمة، وذهابها إلى جحيم ومزابل التاريخ. ونقول: نفسي فداؤك يا وطني.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى