ما وراء الخبر

تثبيت الجنسية حقٌ أعيد لأهله.. لكنه لم يرفع المحنة ولن يبيض الصفحة السوداء للنظام الخليفي

البحرين اليوم-متابعات

في المقام الأول، جُل من نُزعت جنسياتهم مواطنون أصلاء، جذورهم ضاربة في تاريخ البحرين منذ مئات السنين، وقبل أن تطأ أقدام الخليفين الجزيرة الوادعة وتنشر فيها الفساد والجور. على هذا التأسيس فإن نزع جنسية المواطنين الذين لا يعرفون أرضا غير البحرين باطل، وتعدٍ سافر يعكس عقلية الإستإصال التي جُبل عليها الخليفيون في حكمهم وسياستهم.

وفي المقام الثاني لم تقتصر الجريمة على نزع الجنسية، فجل من شملهم القرار يقضون أحكاما تتراوح بين الخمس سنوات والسجن المؤبد، بتهم لم يتحصل فيها القضاء الخليفي على أدلة غير اعترافات انتزعت تحت وطأت التعذيب. وعليه فإن الجنسية حقٌ أعيد لأهله، لكنه لم يرفع المحنة عن كاهل الضحايا الذين يعيشون في طوامير السجون قهرا عدوانا.

وقد عملت الأبواق الخليفية على إظهار تثبيت جنسية 551 من أصل 990 مواطنا نزعت جنسيتهم بأمر من الحاكم الخليفي، مكرمة وعطف يستحق الشكر والثناء، وهي في حقيقة الأمر مسألة تؤكد انعدام الحقوق في هذا الوطن، والإستفراد بالسلطة لدى الحاكم، ما يعني أنه وقت يشاء ينزع جنسيات المواطنين أو يمنحها للدخلاء بمزاجه، وليس وفق القوانين العادلة.

لقد منح النظام الخليفي لنفسه الحق المطلق بنزع الجنسية، كما أعطى لنفسه الحق بمنحها لمن يشاء دون قيود، وهو ما أخل بالتركيبة الديمغرافية للبحرين بعد تجنيس عشرات الألاف في مشروع يستهدف فيه النظام استبدال الشعب الأصيل بآخر دخيل.

ذاكرة البحرانيين حية بجريمة نزع الجنسية عن آية الله قاسم بعد أن مهد النظام لها قبل سنوات بنزع جنسيات علماء دين ومعارضين. وجميع البحرانيين يعرفون أن آية الله قاسم هو من ساهم في بناء الدولة الحديثة بكتابة دستور73 والذي انقلب عليه الحاكم الخليفي فيما بعد وألغاه بإرادة منفردة. انتزاع جنسية آية الله قاسم هو بمثابة انتزاع الشرعية عن آل خليفة الذين لم يكتسبوا لحكمهم شرعية طوال 230 عاما إلا بعد كتابة دستور 73 الذي ساهم في صياغته آية الله قاسم. وإن جريمة نزع جنسيته ترتبت عليها جرائم أخرى من اعتقال عشرات المواطنين وقتل آخرين أمام منزله، وليس انتهاء بإبعاده من البحرين وهو ابنها ورمزها وأكبر عالم دين للشيعة فيها.

مما سبق فإن خطوة إرجاع الجنسية التي صدرت كأمر ملكي في 21 أبريل الجاري، لا تبيض التاريخ الأسود للحاكم الخليفي ولعائلته التي استحكمت بالظلم والجور على كل مفاصل البلاد والعباد. كما أن إرجاع الجنسية وإن خفف بعض القلق على عوائل الضحايا، فإنها تكريس لعدة مفاهيم خطيرة، أولها أن موضوع الجنسية لا يخضع للقوانين والأنظمة العادلة، وإنما هو بقرار مطلق بيد الحاكم الخليفي. ثانيا أن مسالة نزع الجنسية سيبقى شبحا يطارد كل مواطن يفكر في إبداء رأي مخالف للسلطة الحاكمة، فقرار تثبيت جنسية البعض لا يعني عدم إسقاطها عن الآخرين. ثالثا أن قرار تثبيت الجنسية ليس فيه تبرأة للمعتقلين بأحكام طويلة كالسجن المؤبد. رابعا أن من ثبتت جنسيتهم هم نصف عدد الذين نزعت جنسيتهم، مع هذا يحاول االإعلام الخليفي أن يظهر الأمر على شكل مكرمة تستحق الحمد والثناء. خامسا أن الحاكم الخليفي الذي نزع جنسية قرابة ألف مواطن ثم أعاد تثبيت جنسية نصف العدد، هو الذي يدير مشروع التخريب السكاني بمنح عشرات الألاف من الأجانب غير المستحقين للجنسية، ويستخدم معظمهم كمرتزقة ليكون يدا ضاربة لمن يعارض النظام من المواطنين الأصلاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى