ما وراء الخبر

تطبيع آل خليفة مع الكيان الصهيوني.. يخربون بيوتهم بأيديهم

رأي البحرين اليوم – خاص

صدرت عدة تصريحات وتلميحات تشير إلى أن البحرين ستكون أول الدول التي ستعلن تطبيع العلاقات مع ”إسرائيل“ بشكل علني، بعد دولة الإمارات العربية المتحدة التي أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب توصلها إلى اتفاق مع دولة الاحتلال لتطبيع العلاقات منتصف شهر أغسطس الماضي.

من أولى تلك التصريحات هو ما قاله الحاخام مارك شناير الذي بات مستشارا لحاكم البحرين حمد الخليفة، ففي مقابلة مع قناة “كان” الصهيونية، قال شناير إنه “من الآن حتى نهاية العام، سنرى دولة أو اثنتين من الخليج تقيم علاقات مع إسرائيل“ متوقعا أن تكون البحرين الدولة الخليجية الثانية بعد الامارات التي ستطبع العلاقات.

هيئة البث الإسرائيلي “مكان“، قالت إن ”البحرين ستحذو قريباً حذو الإمارات وتطبّع علاقاتها مع دولة الاحتلال“ مضيفة نقلا عن مصادر مطلعة في واشنطن، أن الأمر مسألة وقت قصير جداً بالنسبة للبحرين في تطبيع علاقاتها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. فيما ذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أن واشنطن وتل أبيب تجريان محادثات مع البحرين، حول إمكانية الإقدام على هذه الخطوة.

وكانت قناة (12) الإسرائيلية الخاصة، ذكرت أن رئيس الموساد يوسي كوهين أجرى “زيارة خاصة” للمنامة مؤخراً، والتقى بحكام آل خليفة. وناقش معهم إقامة علاقات بين “إسرائيل” والبحرين، وقالت القناة الخاصة: إن “البحرين تسعى جاهدة لتكون التالية لتوقيع اتفاقية مع إسرائيل، بعد الإمارات”.

تساؤل مشروع يثار وهو لماذا البحرين؟
للإجابة على هذا السؤال لابد من العودة إلى الوراء قليلا. فالسلطات الخليفية تعتبر من اوائل الدول التي نسجت علاقات مع دولة الاحتلال ليس على الصعيد السري فحسب وإنما حتى علنيا منذ أمد بعيد. وكانت البحرين طوال السنوات الأخيرة من أبرز الداعمين للكيان الصهوني بشكل سافر وآخرها دعمها للإعتداءات الإسرائيلية التي طالت ثلاث دول عربية، في العام الماضي، هي كل من العراق وسوريا ولبنان.

يعود تاريخ هذه العلاقات على الأقل الى التسعينات من القرن الماضي، وكان بطلها الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز، فقد التقى في مناسبات مختلفة حاكم البحرين حمد الخليفة وولي عهده سلمان. التقى في العام 2000 بولي العهد على هامش اجتماعات مؤتمر “دافوس” العالمي، وتكرّر اللقاء مرّة أخرى في العام 2006 على هامش اجتماعات مبادرة كلينتون العالمية.

كما جمع لقاء سري كلاً من بيريز وتسيبي ليفني مع حمد في نيويورك العام 2009 على هامش مؤتمر حوار الأديان الذي عقد في الأمم المتحدة. وسبق ذلك إعلان البحرين العام 2005 رفع الحظر عن البضائع الإسرائيلية وإغلاق مكتب المقاطعة.

وعند العودة إلى الوراء فقد زار البحرين وزير البيئة الإسرائيلي يوسي ساريد العام 1994. وحل ضيفا على المنامة المدير العام السابق في وزارة الخارجية الإسرائيلية رون بروساور مبعوثا من تسيبي ليفني العام 2007. أما لقاءات المسؤولين الخليفيين بالصهاينة في الخارج فهي أكثر من أن تحصى. وأبرزها اللقاءات التي كانت تجرى على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة بين وزير الخارجية السابق خالد الخليفة مع اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة مثل منظمة “آيباك” و”اللجنة اليهودية الأميركية” ومنظمة “بني بريت” ومندوب عن “اللجنة الأميركية اليهودية لمكافحة التشهير“.

وقد طالب خالد الخليفة في خطاب عام 2008 بتأسيس تجمع شرق أوسطي يضم ”إسرائيل” فيما وجه ولي العهد سلمان في حديث لصحيفة أميركية اللوم إلى العرب لتقاعسهم في تحقيق ما أسماه بالسلام مع إسرائيل.

وزف وكيل وزارة الخارجية حمد العامر في تصريح العام 2013 البشرى الخليفية عن إمكانية التحالف وتطبيع العلاقات مع ”إسرائيل”. ثم توج حمد الخليفة هذا التوجه بالكلمة التي أسرها للحاخام مارك شناير لدى زيارته المنامة ذلك العام 2016 ومفادها أن التطبيع مسألة وقت ليس إلا.

واستضافت البحرين في العام الماضي مؤتمرا عدّ الخطوة الأولى لتنفيذ الخطة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة بصفقة القرن. وبين كل ذلك زارت وفود صهيونية البحرين مرات عدة كان آخرها وفد حركة حباد المتطرفة التي رقص أعضاؤها في باب البحرين على أنغام أغنية تدعو لهدم المسجد الأقصى.

لكل ذلك توصف المنامة بانها بوابة التطبيع مع الدولة العبرية.
فلماذا هذه الهرولة نحو التطبيع علما بأن البحرين دولة صغيرة من حيث المساحة والسكان وهي ليست محاذية لفلسطين المحتلة كحال الدول التي طبعت العلاقات كالأردن ومصر؟
وبالرغم من أن شعب البحرين مناهض بطبعه للتطبيع وهو الذي عرف بدفاعه عن القضايا الوطنية والقومية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

إن الجواب يكمن في معرفة طبيعة النظام القائم في البحرين. فالنظام الخليفي هو نظام أقلية في البلاد يعيش هاجس الخوف الأبدي من أهل البحرين الأصلاء، ودخيل عليهم، إذ غزت العائلة الخليفية البلاد قبل أكثر من قرنين من الزمان، وتعاملت مع أهلها معاملة المحتلين. ونتيجة لذلك ظلت العلاقة مع الشعب متوترة وعادة ما تتفجر الثورات والإنتفاضات الشعبية التي لايخلو عقد منها ومنذ أوائل القرن الماضي.

ولأجل أن يحفظ النظام توازنه ويديم بقائه فكان لابد له من الاستعانة بالأجنبي، فكان المستعمر البريطاني هو الملاذ الذي لجأت إليه العائلة الخليفية منذ عقود. وقد وقعت معاهدات للحماية معه وأشرف المستشارون البريطانيون على إدارة شؤون البلاد وأبرزهم تشارلز بلغريف، وتبعه المستشار الأمني أيان هندرسون. وتوطدت العلاقات بين البلدين بشكل وثيق بعد نيل البحرين “استقلالها” ظاهريا.

وظل هاجس الخوف من الشعب مترسخا داخل العائلة الخليفية، فهي تعي بأن شعب البحرين ذاق الويلات على يديها وأنه سيطيح بها حالما تتاح له الفرصة. ولذلك فلم تكتفي بالدعم البريطاني بل يممت وجهها صوب الولايات المتحدة، التي اتخذت من البحرين مقرا لأسطولها الخامس.

ثم أعادت في العام 2017 بناء قاعدة عسكرية بريطانية هي الأولى من نوعها منذ الإنسحاب البريطاني من شرقي السويس أواخر الستينات من القرن الماضي. وبعد اندلاع ثورة الرابع عشر من فبراير 2011، تعزز الوجود العسكري الخارجي في البحرين لحماية العائلة مع احتلال القوات السعودية للبلاد.

ويبدو أن كل هذه القوات الأجنبية بالإضافة إلى قوات المرتزقة لم تهدئ من روع النظام الحاكم في البحرين الذي صعد من قمعه للشعب ومن عدائه لعدد من الدول والقوى الإقليمية الفاعلة في المنطقة. فكان خيار النظام هو تعزيز العلاقات مع إسرائيل وقيادة عملية التطبيع في منطقة الخليج. كانت المنامة أول دولة هنأت الإمارات على اتفاقية التطبيع، التي لم تشأ البحرين أن تسبقها خوفا من ردود فعل داخلية وإقليمية، لكنها وبعد الإعلان الإماراتي فيبدو أنها ستكون الدولة الخليجية الثانية التي ستطبع علاقاتها بشكل علني.

في كل الأحوال فإن هذه الخطوة لن تنفع النظام الخليفي، ولن تنقذه الدولة العبرية وجميع القوى الأخرى من مصيره المحتوم، فهذه القوى معروفة بتخليها عن عملائها حال انتفاء الإستفادة منهم.

ورغم أن شعوب المنطقة التي تمر بظروف اقتصادية وسياسية عصيبة لكن ذلك لن يجعل حالة الصمت تستمر طويلا، إذا تشير كل التوقعات بأنه سياتي اليوم الذي تثور فيه على هذه الأنظمة التي سيتخلى عنها الإسرائيليون وداعميهم الأميركيين كما تخلوا عن حلفائهم من قبل كشاه إيران وصدام حسين، فإرادة الشعوب لن تقهر وأما الأنظمة الخائنة فإلى زوال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى