سجن جومقابلات

ثلاث عائلات معتقلين يسردون لـ “البحرين اليوم” قصص المعاناة والانتقام في سجون البحرين

البحرين اليوم – (خاص):

حينما طرقت “وكالة البحرين اليوم” أبواب عوائل المعتقلين، سمعت آهات كثيرة، وأنات أكثر، من وراء جدران تلك البيوتات يتجلى الصبر العظيم أمام المعاناة التي يسردونها بكل ألم ووجع. ترى في أعينهم دمعات مخنوقة، لكن تشوبها نظرة بأس وصلابة. هنا تقف حائراً وأنت ترتب سطور هؤلاء الصابرين.

فيما يلي ثلاث سرديات لثلاث عوائل تتكثف فيها المعاني المتضادة (الألم/الصبر) (الجرح/القوة) (الوجع/المنعة)، وفي كل المفردات تتجلى مصاديق للصمود الذي تذوي أمام واقعهم الكلمات ويعجز في جنب تجلُّدهم كلّ شرح وبيان. هي إفادات تكشف حجم الانتهاكات التي يمارسها النظام بحق أبنائهم، وتؤكد أن كل ما تنشره مؤسسات محض أكاذيب.

أم الشهيد عباس السميع

 maxresdefault

تشكو أم الشهيد عباس السميع  من نظام الزيارات في السجن. لديها ثلاثة أبناء معتقلين وهم: محمد وعلي وحسين السميع، ولا يُسمح لها بزيارتهم جميعا مرة واحدة.

وتضيف أم الشهيد: “الحواجز البلاستيكية تحول بيننا وبين أولادنا، ولا نستطيع سماعهم إلا عبر سماعة مخصصة، لتنقطع بعد ربع ساعة من الزيارة، مما يجعلنا نغادر المكان من دون أن نطمئن على حالهم بشكل كافٍ”.

تتحدث أم الشهيد والمعتقلين عن الانتظار الطويل الذي يُفرض عليهم قبل المقابلة، وعن الأوضاع الصحية للمعتقلين.قالت إن أوضاع أولادها يجري التكتم عليها، ولا تدري ماذا يحصل لهم، إذ لا يُسمح لهم بالكلام عن حقيقة أوضاعهم. كما أنهم بدوا نحيلين جدا.

ابنها محمد يعاني من حساسية من بعض أصناف الطعام، لكن لا يستطيع أن يتجنبه، ذلك أن ليس هناك أكل غيره، كما أن ما تسمى بـ “الكانتين” لا يتوفر فيها ما هو كاف ليجعل المعتقلون يختارون الطعام المناسب. هناك تضييق متعمد في كل شيء، أما بالنسبة للاتصالات، فقالت أم الشهيد السميع “إن المكالمات مراقبة ولا يمكن الحديث عن كل شيء، وأكرر نحن لا نعلم ماذا يحصل داخل السجن، لكن ما يتناهى لنا أن سجن رقم “١” عليه تضييق أكثر من غيره”.

 

عائلة ماهر الخباز

1413011793

أما شقيقة المعتقل ماهر الخباز، فقالت إن أخاها محكوم عليه بالاعدام وله ثلاثة أخوة محكومين بنفس القضية، إثنان منهم محكوم بالمؤبد، وهم أبرياء من كل ذلك، كما تؤكد. وقد صدر الحكم على اثنين منهم بالسجن عشر سنوات والآخر حكم عليه بخمس سنوات، وقد اعتقلوا في عام ٢٠١٣.

وأضافت “إن من بين طرق التعذيب التي تعرض لها ماهر كانت طريقة (الفيلقة) والوقوف لساعات طويلة في غرفة باردة، والحرمان من الأكل والشرب والصلاة والنوم، إلى أن تدهورت حالة ماهر ونُقل للمستشفى، وقد بقي في الإنفرادي قرابة السبعة أشهر، حتى حُكم على عدد من الشباب بالإعدام، ومنهم الشهداء الثلاثة، فاكتظ المكان بالسجناء، وأصبح معة شخص آخر بنفس الغرفة”.

آخر زيارة لنا كانت في فبراير

 

تقول شقيقة ماهر إن آخر زيارة سمح لهم برؤية أخوتها كانت في شهر فبراير، بعد إعدام الشهداء الثلاثة، وقد أُحضر ماهر مقيدا بالسلاسل، “وكانت المرة الأولى التي أراه فيها مقيداً بهذه الطريقة”. وتضيف “لم يُسمح لنا بزيارتهم منذ ذلك الحين. ذلك لأننا طلبنا زيارات تشمل أخوتي الأربعة في نفس الوقت، لكن طلبنا قوبل بالرفض، كما احتج أخوتي على الحاجز الزجاجي الذي يفرغ الزيارة من مضمونها وفائدتها”.

وتذكر بأن المعلومات التي وصلت إليهم تؤكد قطع الطعام عن “كانتين” السجن، ولا يُسمح للأهالي بإدخال الطعام لأبنائهم أو المعلبات الغذائية، باستثناء بعض الأدوات الصحية.

معتقل مُصاب بأكثر من ١٢٠ شظية

 2016-30-11-20-56-34

وقد تحدثت لـ(البحرين اليوم) أم لثلاثة معتقلين، هم حسين وحيدر ومحمد الملا، وروت أوضاع أولادها بشيء من المرارة، تقول “إن  محمد (٢٥ عامًا) مصاب بأكثر من ١٢٠ شظسة شوزن في الجهة اليسرى من الجسم، خصوصًا في الجهاز الهضمي والرئة اليسرى، وشظية واحدة في جدار القلب”. وتضيف “هل تتخيلون صحته ووضعه داخل السجن؟”.

ومحمد محمكوم بالسجن ١٠ سنوات، وهو الآن يقبع في سجن جو، وقد أسقطت جنسيته. تضيف الأم سرد المعاناة “أفيدكم علما، إن إصابته في الجهاز الهضمي تحتم عليه الالتزام بأكل خاص مناسب كما ونوعا.. وهذه الرعاية الطبية التي من الواجب أن يتحصل عليها لكي يتجنب الآثار الخطيرة؛ يُحرَم منها، فهو يتعرض لنكسات صحية باستمرار، ويتعرض للمضايقة باستمرار من ضباط النوبة، ومصادرة حاجاته الشخصية لأكثر من مرة”.

أما التفتيش المهين فهو مستمر. ولكي تعطينا صورة للوضع داخل المعتقل بوشكل أقرب للواقع، تقترح أم المعتقلين رسم هذه الصورة في الأذهان: “كل غرفة فيها ثمانية أسرِّة، لكن ليس فيها ثمانية معتقلين، بل أربعة عشر سجينا، مما يعني أنه ليس هناك سرير لكل سجين، ويتم إيقاظهم فجر كل يوم عنوةً بهدف عدّهم، وأثناء ذلك تُوجَّه الإهانات بشتى الكلمات، ويتم إخراجهم في “الفنس” مرة واحدة في الأسبوع”.

أما المعتقل حسين (٢٠ عامً) فهو محكوم بعشر سنوات أيضا، وهو ينزل في مبنى المحكومين بسجن الحوض الجاف، وتقول والدته بأنه محروم من استكمال الدراسة، ويتعرض مع رفاقه في العنبر للتفتيش المستمر، ومصادرة حاجاته الخاصة، والضر باستمرار من دون سبب. أما “الإهانة المستمرة فهي تمثل المشهد اليومي للمعتقلين مع ضباط السجن”.

 وفي نفس المبنى، ينزل ابنها الثالث حيدر (١٧ عاما)، المحكوم بالسجن ٨ سنوات، ورغم إصابته في الأنف ومعاناته من ضيق في التنفس، إلا أن الضرب كان كثيرا ما يعانيه في السجن، كما تعرض بشكل دائم للحبس الإنفرادي، وتقول والدته بأنه “مستهدف من قبل بعض مسؤولي المناوبة بالضرب بدون سبب.. وهو أيضا محروم من استكمال دراسته”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى