مقالات

لكي لا ننخدع كثيرا: في “الحرب المفتوحة” بين موالي آل خليفة

البحرين اليوم – (خاص)

بقلم: كريم العرادي

كاتب من البحرين

الحرب الإلكترونية الجارية بين موالي آل خليفة، هي شكل من أشكال الخداع غير المباشر الذي ينبغي أن يتعامل معه المعارضون والمواطنون بروية أكثر، وبأسلوب بعيد عن المبالغة في تضخيم الانفجار” الوهمي داخل العائلة الخليفية. نعم، هناك حلم وأمنيات أن ينفجر آل خليفة ويتصارعوا فيما بينهم، ولكن الأمور السارية الآن ليست في هذا السياق. والأمر الذي يجب التذكير به كل مرة، هو أن الحرب المفتوحة” الجارية في البحرين اليوم في أوجها هي بين آل خليفة والسكان الأصليين، وفي هذه الحرب لا معنى، ولا مبنى، لأي تحليل سياسي يعتمد نظرية الأجنحة المتحاربة داخل كيان العدو، فهذه نظرية فاشلة كما كشفت السنوات الماضية، وهي جاءت من رحم نظرية فاشلة أخرى، وهي نظرية الصقور والحمائم” التي ربّاها البعض في عقله وقلبه وخاصة أولئك الذين لا يزالون يراهنون على “قبلة” حمد عيسى، وعلى “خبث” ابنه سلمان.

لا شك أن الجسم الموالي لآل خليفة هو جسم هزيل، وغير متماسك، لأنه يقوم على الارتزاق المذل، ومن الطبيعي أن يزيد طمع هذا الموالي أو ذاك، وأن يتنافسوا فيما بينهم للحصول على مودة هذا المجرم أو ذاك من آل خليفة، كما أنّ طبيعة مجرمي آل خليفة أنهم قطّاع طرق، ولازالوا يتربون على طريقة “السبي” و”الغنائم”، فضلا عن أن جشعهم يبلغ أعلى الحدود، وهم في ذلك لا يعرفون إلا الغدر والخيانة، حتى بأقرب الأقرباء، وبأكثر العبيد لحسا لأقدامهم. ولكن كل ذلك لا يعني التعاطي مع قضية نائب تائب وما يُشاع عن المواجهة بين جماعة خليفة سلمان من جهة وجماعة حمد عيسى من جهة أخرى؛ وكأنها قضية صراع وجودي بين الطرفين! ففي النهاية.. هؤلاء كلهم أدوات لآل سعود، ولا يملكون أن يتصرفوا في المال أو في السياسة، في الداخل أو في الخارج، إلا بأوامر السعوديين، وسيكون من المفيد أن يتذكر السياسيون والمحللون والمواطنون أن قوات درع الجزيرة والطلائع العسكرية الإماراتية المتواجدة في البحرين، وإلى جانب الوصاية النفطية والاقتصادية من الرياض وأبوظبي؛ هي العصا وهي الجزرة التي تدير أمور البحرين المحتلة، وذلك بعد أن تغاضى الأمريكيون والبريطانيون عن هذا الدور السعودي والإماراتي في البحرين، مقابل تقديم السعوديين والإماراتيين بدورهم تبعية أكبر للمشاريع الأمريكية والبريطانية، بما في ذلك مشاريع التسلح وتقديم أموال الجزية من خلالها.

على الجميع أن يصحوا من وهم أن هناك نظاما طبيعيا في البحرين، وكما هو حال بقية الأنظمة التي تتصارع فيها الأجنحة الحاكمة، وتتقاطب داخلها قوى الضغط والمصالح الخاصة. فآل خليفة دُمى حقيقية، ومهما بدوا طواغيب فإنهم عبيد صاغرون للخارج، وأي خلافات أو فضائح تفوح روائحها بين فترة وأخرى هي نتيجة طبيعية لانفلات العبيد- الكبار والصغار- وهم يختلفون في الغنائم والقسائم، وفي أسلوب إبادة المواطنين البحرانيين. هذا الإنفلات لن يكون له أي أثر سياسيعلى النحو الذي يدغدغ مشاعر أصحابالحلول الراكدة، كما ليس له أي علاقة بـيقظة ضميرأوتحريك لمبادرة من أجل إنهاء الفساد والقتل والجرائم الجارية في البلاد، فهؤلاء العبيد المناكيد حين يتخاصمون أو تتضارب أدواتهم؛ فهم في الوقت نفسه يزدادون بغضا لأهل البلاد وإمعانا في إنزال العقاب الجماعي. فهلاّ كفّت العقول عن صناعة الأوهام وتوقفت الأقلام عن إضاعة البوصلة مرة بعد أخرى؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى