تقارير

لماذا يعجز النظام الخليفي عن اختراع موالين غير مصابين بمرض “سعيد الحمد”؟

البحرين اليوم – (خاص)

في واحدة من إطلالاته “الظريفة”، كتب سعيد الحمد مقالا في صحيفة “الأيام” الحكومية الثلاثاء ١٧ أكتوبر ٢٠١٧م، أثنى فيه على “الإستراتيجية الأمريكية” تجاه إيران بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “عدم التزام إيران بالاتفاق النووي”، وإدراج الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب الأمريكية.

وبذات المشاعر والتخيلات التي عُرف بها منذ برنامجه سيء الذكر على شاشة التلفزيون الرسمي؛ قال الحمد بأن “البحرين من أولى المناطق التي وضعها الحرس على قائمة المناطق والبلدان المستهدفة”، وأكمل الطرفة بسرده عدد من المؤسسات التي ادعى أن الحرس الثوري يمدّها بالدعم والمساندة، ومنها “دار الحكمة” في لندن، ومركز البحرين الثقافي في برلين، وهو ما دفع بعض النشطاء للتعليق والقول بأنه “من المخزي لنظام آل خليفة أن يكون لسان حاله أمثال هؤلاء الكتّاب، الذين يسردون التخيّلات دون سند وثيق”، مشيرين إلى أن المؤسسات التي ذكرها، ولاسيما الموجودة في أوروبا، لا يمكن أن تتلقى دعما خارجيا، “حيث إن كشوفاتها المالية مثبتة لدى الجهات المختصة في تلك الدول”.

ويتساءل متابعون عن “الطبيعة الذهنية” التي يستند إليها كتّاب النظام والناطقون باسمه “لاسيما وهم يكشفون كل مرة عن اضمحلال في المعلومات، وقصور فادح في ربطها وسبكها، وبما يمكن أن يحقق إقناعا ما للرأي العام”، ويضيف هؤلاء “ما الحاجة التي يجدها النظام في أمثال هؤلاء الذين لا يدفعون عنه أي ضرر ولا يجلبون له أي منفعة، وذلك بسبب الصورة السوداء الثابتة للنظام في أوساط المنظمات الدولية والهيئات الأممية والمجتمع الدولي؟!”.

ولأن سعيد الحمد أشبه ما يكون بالمهرِِّج الذي فقدَ براعته في الإضحاك المحترف، فإنه يورّط نفسه كلّ مرة في إضحاك الآخرين عليه والسخرية منه، فهو كان قد استهزأ قبل أيام مما وصفها بالمناكفات بين إيران وأمريكا ووصفهما بـ”توم وجيري”، كما وجدَ في نفسه “البصيرة غير المحدودة” قبل أسابيع وادعى بأن أمريكا هي التي مكّنت إيران من المنطقة، وذلك في “صيرورة بلهوانية لا نهائية” من التناقضات التي عُرف بها عموم كتّاب آل خليفة، وكما هم الخليفيون أنفسهم.

يقول أحد المعارضين إن استمرار النظام في السماح لكتّاب “الهلوسة” في الدفاع عن صورته “البغضية”؛ يؤكد “أن عجزا كاملا بدأ يستشري إلى مفاصل النظام كلها، وصولا إلى عقله الذي لم يعد يرى الأمور بوضوح وكما هي في الخارج، بل بات يراها بحسب ما يريدها آل سعود ومن يحرِّكهم في لندن وواشنطن”، وهو ما يفسّر أن الكتّاب الخليفيين والسعوديين الذي طبّلوا لترامب؛ لم يجدوا في عقولهم مساحة للتفكّر في مواقف الدول المعنية في الاتفاق النووي، والتي أكدت التزام طهران بالقوانين الدولية، وشددت على ضرورة التمسك بالاتفاق، كما لا يجد هؤلاء “متسعاً للتحرر من العبودية” للتأمل في مواقف الإعلام الأمريكي نفسه الذي قلل من أهمية خطاب ترامب، والذي تلقفه أولئك باعتباره “إستراتيجية جديدة” تستدعي الاحتفال وإطلاق الدفوف!

منتدى البحرين لحقوق الإنسان رصد في تقرير نشره الثلاثاء؛ ١٤٤ مادة تحرِّض على الكراهية نشرها سعيد الحمد، وذلك خلال الفترة بين أبريل وحتى سبتمبر الماضي. ولفت المنتدى إلى “أنّ منسوب مواد الكراهية الطائفية والسياسية المحرّضة على العنف السياسي التي ينشرها سعيد الحمد ارتفعت في شهري مايو ويونيو؛ حيث كان من أبرز المشاركين في حملات التحريض ضد التجمع السلمي المنعقد في منطقة الدراز، قبل أن تقدم السلطات الأمنية على فضه باستخدام القوة المفرطة”.

بعد مضي هذه السنوات، ومنذ اندلاع ثورة ١٤ فبراير، لازال آل خليفة متمسكين بـ”إستراتيجية الجري وراء المهلوسين والمجانين”، كما يقول أحد المعلقين، ولعل استئناس الخليفيين بكتّاب من طراز الحمد وأمثاله “يعد مؤشرا جديا على أن هشاشة النظام والعظام في هذا النظام باتت في نهايتها، كما هي النهاية التي تبدو في ملامح وجه الحمد التي تتآكل مثل الأموات”. ولهذا السبب، فإن معارضين يجدون في كتّاب “الكوميديا السوداء” ما يدعو للبهجة والاستبشار بالخير، لأن ما ينشره هؤلاء “يقدم خدمة جليلة للمعارضة، حيث تؤكد مقالات هؤلاء الكتاب ما هو مؤكَّد، وتُثبت ما هو ثابت من أن هذا النظام ليس له عقل يفكر به، ولا قلب ينبض بالحياة، وأن ما تبقى من أعضائه ليس فيها غير الفضائح والروائح الكريهة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى