ما وراء الخبر

مؤشرات لإطلاق سراح سجناء سياسيين قريبا.. الأهداف والغايات

رأي البحرين اليوم – خاص

توحي بعض المعطيات أن السلطات الحاكمة في البحرين بصدد إطلاق سراح دفعة من السجناء السياسيين منتصف شهر ديسمبر الجاري، تزامنا مع الاحتفالات الرسمية لما يسمى ب “عيد الجلوس”.

وتتحضر السلطة لتوجيه الإعلام لإطلاق حملة دعائية لحمد ونجله سلمان الذي تقلد منصب رئاسة الوزراء خلفا لعمه. تستخدم في تلك الحملة وسائل مختلفة تظهر سلمان كشخصية محبوبة، وصاحب نظرة ثاقبة، وعهد جديد يحمل كل الأخبار السارة. ويُقدم قرار إطلاق سراح عدد من السجناء على أنه مبادرة كريمة يمن بها “الملك” الرحيم على شعبه. وحتى تأخذ الحملة الدعائية صيتا عالميا وترحيبا واسعا من الهيئات والمنظمات الدولية، يأمل الخليفيون أن تصدر الحكومة البريطانية تحديدا بيانا ترحيبيا يشيد بالخطوة ويثني عليها، وبالمثل تفعل الإدارة الأمريكية ومن ورائهما الدوائر الدبلوماسية في أوروبا وغيرها.

ما يدعو للتوقف والحذر هو أن هذه المعطيات تشير إلى أن تلك الخطوة ربما تتزامن مع الإعلان عن افتتاح السفارة “الإسرائيلية” في البحرين، وبذلك يكون الشارع العام منشغل بموضوع الإفراجات وما تحمله من رسائل سياسية، وموقف المعارضة والكتاب وعموم الناس منها. بل إن ما يرسمه النظام هو أن يستفيد من ذلك الجو، ليعطي إيحاء بأن المواطنين في البحرين ملتفين حول القيادة الرسمية في ما تقرره من سياسيات ومنها ملف التطبيع مع الكيان الصهيوني.

ومع وجود بعض الشخصيات من “الوجهاء والأعيان” المستعدين للإنسياق وراء المخطط الخليفي، ووجود أقلام وكتاب تُصنف على أنها قريبة من نبض المعارضة، فإن بيانات التأييد والولاء ستتوالى من تلك الفئات لتعزز غرض الدعاية. ومن غير المستبعد أن يتوجه بعضهم بطلب إلى عوائل السجناء لتقديم رسائل الشكر والثناء، أو رفع رسائل الطلب والرجاء بتخليص أبنائهم من السجون.

في هذا الحال ينتقل الإعلام من مهمة التطبيل، ليشرع في مهمة التضليل وذلك بتصوير الجماعات المتحفظة على سلمان بن حمد على أنهم مجاميع هامشية بين أبناء الشعب، وفي غالبهم موالون للخارج وتحديدا إيران، فيما يلتف الناس شيعة وسنة وراء “الملك” ونجله!

يريد النظام من خلال ذلك أن يضرب عصفورين أو أكثر بحجر واحد، حيث يثبت موضوع التطبيع ويجعله قضية هامشية في اهتمامات المواطنين، وصولا إلى دفع العدد الممكن للإنخراط في هذا المشروع. كما يسعى النظام من خلال ذلك إلى كسب تأييد شعبي ولو شكلي على أقل التقادير، ومن ثم العمل على إحداث إنقسام داخل تيار المعارضة عموما.

صحيح أن بعض الشخصيات والكتاب ربما ينساقون وراء تلك الخديعة، بذريعة تشجيع المبادرة لطي صفحة السجناء التي قضت مضاجع الآلاف منذ سنوات، لكن نجاح تلك الحملة الدعائية لسلمان الصهيوني ستصطدم بجدار صلب لا يمكن ردمه، إذ يشكل عوائل الشهداء صمام أمان وحجر عثرة أمام تلك المشاريع، حيث يتمسك الضحايا بحقهم في القصاص العادل فيما يصر النظام على حماية الجلادين والقتلة. كما أن التجارب صقلت الجماهير التي ما عادت تثق بالنظام الخليفي، ناهيك عن أن الرموز السياسية داخل السجن وخارجه تدرك الألاعيب الخليفية جيدا، حتى وإن كانت تتخذ أساليب متباينة في التعاطي السياسي.

يمكن للنظام أن ينجح في تشتيت الأذهان برهة من الزمن، ولكن سرعان ما تعود الأمور لتظهر الحقيقة الواضحة عن فساد النظام الخليفي وعدم أهليته للحكم. ومع التغيرات الكبيرة والمتسارعة في المنطقة، ورغم أن النظام يراهن على تضاعف الدعم الأمريكي والبريطاني له بعد ارتمائه في أحضان الصهاينة، إلا أن سنة 2021 ستكون حبلى بالمتغيرات التي ستنقلب على المحور الصهيوني وهو ما سيجعل النظام الخليفي في وضع مربك وحرج، وبالمقابل يزداد تماسك التيار الثوري في مشروع التغيير الجذري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى