صفاء الخواجةمقالات

الهرب من أهداف الألفية: في البحرين.. "الفقراء" يزدادون.. فقراً

صفاء الخواجة ناشطة بحرانية في مجال حقوق الإنسان
صفاء الخواجة
ناشطة بحرانية في مجال حقوق الإنسان

البحرين اليوم – (خاص)

 

اليوم السبت (17 أكتوبر 2015)، يصادف اليوم الدولي للقضاء على الفقر.

فقر في البحرين؟ تبدو الفكرة لدى البعض خيالية في دولة تتباهى بدعم اللاجئين السوريين، والمنكوبين في كل مكان.

العديد من العائلات تعيش على خط الحاجة، وبالكاد يكفيها مدخولها الشهري، الذي ينتهي مع نهاية أول أسبوع من استلامه، هذه فئة تدفع دفعا للنزول حتى ما دون خط الفقر!

يمكننا في هذا اليوم أن نخصص بعض الوقت لنذكر المجتمع الدولي بما يواحه الفقراء كل يوم، ولو من باب “فذكر إن نفعت الذكرى”..

في المحصلة، سنحتاج الى موسوعة “الفقراء” لاستعراض أوضاع فقراء البحرين، لكن ربما تكون هذه القصة الحقيقية وافية كإسقاط ونموذج، للحال الذي يعيشه مئات البشر:

المواطن ( م .ج)  الستيني من جزيرة سترة يسكن في الدور الثاني من منزل والده، سكنه عبارة عن شقة من غرفتين وصالة ومطبخ صغير وحمام ، وله أيضا أربعة أخوة متزوجون يعيشون في غرف في بقايا المنزل.

هو رجل متقاعد عن العمل منذ سنوات ” 2003″ عن العمل، ولظروفه الصحية لم يستطع الحصول على عمل إضافي ليكسب قوت يومه.  له من الأبناء 3 أولاد و3 بنات، تزوجت منهم اثنتان، وتزوج أحد أبنائه وسكن في نفس الشقة بإحدى الغرف وأنجب بنتا!

هكذا وبكل بساطة، على منازل سترة أن تسع الأجداد والآباء والأحفاد، المنزل يسكن  فيه أكثر من 30 شخصا!

يتحدث الرجل قليلا عن معاناته;  دخله الشهري 290 دينارا، يضاف إليه 70 دينار هو علاوة الغلاء!

وخلال 18 عاما مضت، حاول فيها “م.ج” الحصول على عمل دون فائدة، سعى خلال السنوات الماضية توفير مبلغ لبناء الأرض التي حصل عليها من الإسكان ليؤمن لأسرته المسكن الملائم، ولكنه لم يستطع بسبب ضيق الحال .

 

لم يكتف بالجلوس في بيته، بل طرق باب الصناديق الخيرية، لم يتجاوب أحد معه، كان الرد المتكرر: (أنت لا تستحق المساعدة).

منْ في نظرالصناديق الخيريه يستحق المساعدات؟ هل ثمة معاناة أكبر لتكون معايير الإستحقاق بهذه الدقة المتناهية.

الابن الأكبر حصل على عمل في أحد المجمعات التجارية، وكان الطموح والأمل مساعدة عائلته لبناء قطعة الأرض، ولكن المبلغ المتوافر لا يغطي تكاليف البناء.

سنوات من الصبر والانتظار يعيشها البحرانيون في انتظار الفرج، ولكن هو هذا الفرج! وهو الذي بات أملا للطارئين على الوطن لا أبنائه!

 

ما هي حدود قدرة المؤسسات الخيرية على تقديم العون؟ وأين دور السلطة في حياة الفقراء من سكان البحرين الأصلين؟

للفقر أشكال وأنواع مختلفة في البحرين،  فهناك الفرق المادي وهو النوع المفهوم من قبل الجميع، ولكن ثمة فقر الاستقلالية، وفقر الحماية، والفقر الموسمي والفقر الدائم، فرديا وجماعيا!

فما هو هذا الفقر الذي أصبح هو القاعدة؟!

في الحالة التي تعبر عن النقص أو العجر في الاحتياجات الأساسية والضرورية للإنسان، فإنه فقر مؤكد، وأهم هذه الاحتياجات هي; “الغذاء، الرعاية الصحية، السكن، التعليم”.

وفي بلد كالبحرين، مصنف بأنه بلد نفطي ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي، لماذا يزايد الفقراء فيه؟!

 

من المؤكد أن الفقر في البحرين ليس قدراً، بل هو إفراز  طبيعي لغياب التوزيع العادل للثروة، للتمييز الفاقع في الامتيازات المحتكرة في عدد محدود من المواطنين ممن يعيشون بملاعق من ذهب!

وضعت الأمم المتحدة لأول مرة في تاريخها خطة طموحة على مدى عشر سنوات (2005 – 2015)، بأهداف الألفية الثمانية، أحدها تخفيض نسبة الفقراء حول العالم بمقدار 50%، وإخراج مئات الملايين من وضعية الفقر المدقع إلى الفقر النسبي، أو خارج دائرة الفقر.

لذا، يمكننا هنا أن نتساءل، ما هي خصوصية الفقر في البحرين؟

لاشك أن السبب الرئيس لظاهرة الفقر هو ‘’غياب العدالة الاجتماعية، وغياب التوزيع العادل والمنصف للثروة الوطنية الهائلة بين أفراد المجتمع والمدن والقرى من الخدمات’’.

ثمة أسباب أخرى، ليس من العسير حصرها، مثل غياب عدالة النظرة للمواطنين من دون تمييز حسب الأصل أو المذهب أو اللون أو المناطق، فضلاً عن الفساد المالي المستشري وغياب المحاسبة وكشف الذمة المالية لكبار المسؤولين في المملكة!

تتعامل المملكة أغلبها مع الفقر والفقراء كظاهرة رعاية وإحسان بدلا من التعامل معها كمشكلة اقتصادية واجتماعية وسياسية’’، وهو واقع مرتبط بالدولة الريعية التي توزع الثروة بمزاجها وبمعاييرها الخاصة!

أعطت المنظمات العالمية، اهتماما لافتا لظاهرة الفقر منذ القمة العالمية للتنمية الاجتماعية بكوبنهاجن العام 1995 وحتى القمة العالمية للتنمية العام 2002 التي أصدرت الإعلان العالمي للأهداف التنموية للألفية، وكان الهدف الأول القضاء الكامل على الفقر المدقع والجوع بنهاية العام 2015.

ولأن حكومة البحرين كانت بين الدول المشاركة، فهي ملزمة بالقيام بواجباتها ومسؤولياتها للقضاء على الفقر وتحسين الأوضاع المعيشية، خصوصا الفقراء وذوي الدخل المحدود’’.

هل ستلتفت البحرين لهذا الإلتزام في الوقت تتهرب فيه من التزامات أكبر متصلة بمجمل حقوق الإنسان؟!

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى