مقالات

المدعو فريد مفتاح: ناقل القذارات

البحرين اليوم – (خاص)

بقلم: كريم العرادي

كاتب من البحرين

 

لا يستطيع عقلي أن يصدق أن المدعو فريد مفتاح أهانَ العلامة السيد عبدالله الغريفي “بصورة شخصية” أو بتصرف شخصي منه، وكأن هذا النظام مثل الأنظمة الحرة التي يملك أفراده والعاملون فيه أن يدلوا بدلوهم من تلقاء أنفسهم في أمر أو في شخص هام. كما أن عقلي لا يحتمل قول القائل بأن مفتاح، الذي يعمل وكيلا لوزارة العدل الخليفية، كان بمثابة “فأر تجارب” اختاره النظام الخليفي لاختبار ردود الفعل على “إهانات أكبر” يتحضر لها الخليفيون بعد إبطال مسرحية “الإنفراجات” التي ورّطت فيها بعض المهرجين. لا أحتمل هذا القول لأن الخليفيين ليسوا بحاجة لاختبارات من هذا القبيل، وهم كذلك ليسوا مضطرين لاستعمال هذا اللون من “الفئران” الرخيصة. وفوق كل ذلك، فإني أرجو من الزملاء الكتّاب ألا يحاولوا إقناعي بأن إهانة المدعو فريد مفتاح للسيد الغريفي؛ هي شكل من أشكال “صراع الأجنحة” بين آل خليفة، كما هو الحال مع مسرحية “نائب تائب”. في الحقيقة، ربما يكون لهذا الكلام وجه من الصحة، ولكني حتى الآن لا أستطيع أن أستوعب – وقد تكون لعلة في عقلي! – أن التركيبة الحالية لعائلة آل خليفة – وبعد أن أصبحت بالكامل تحت سيطرة آل سعود، وأوامر آل زايد، وإشراف البريطانيين، وحماية الأمريكيين – يمكن أن ينشطروا ويتناحروا وينقلب بعضهم على بعض، كما كانوا في الزمن الغابر حينما كانت جلودهم الصحراوية مغروسة بطبائع السبي المكشوف والقرصنة الفاضحة.

في كل الأحوال، لا شك ولا ريب بأن المدعو مفتاح يمكن أن يكون مفتاحا لمكيدة ما يتحضر لها آل خليفة. فأنا أميل إلى من يرى بأن هذا المدعو نطق بلسان أسياده، وأنهم أوكلوا إليه هذه المهمة القذرة، وهو التعدي الوقح على مقام عالم جليل، لأمر شرير قد يتحضرون لها في قادم الأيام. ومن المفيد الانتباه إلى أن إدراك آل خليفة بقذارة هذه المهمة وسفالتها؛ هو ما جعلهم يوكلونها إلى هذا المدعو، وليس إلى وزيره الخليفي، وزير السلندرات، ولو كان هذا الوزير من الدرجة الثانية، وتولى فيما مضى مهمة لا تقل عن هذه المهمة في القذارة والسفالة، وذلك بهجومه على آية الله الشيخ عيسى قاسم وعلى منبره الديني. ولعل ذلك يفتح لنا نافذة على طبيعة الشر الجديد الذي يتجهز له الخليفيون في الفترة المقبلة.

ما حصل للمحكومين بالإعدام وعوائلهم من إهانة وابتزاز بشع؛ يختصر لنا الشر الخليفي المقبل، فحمد عيسى وصل الذروة في الوحشية وقلة الحياء، وهو يريد أن يعمّم الشرور على الجميع، بمن فيهم من تبقى من علماء الدين الكبار الذين يأملون، ولو قليلا، أن يستيقظ بصيص من الرحمة في قلوب آل خليفة. وعلينا أن نستحضر هنا الأجواء النفسية الرهيبة التي أنزلها الخليفيون على أهالي المحكومين بالإعدام، وكيف أحاطوهم بتلك المشاعر المرعبة وهم على مرأى من مشانق الإعدام التي تتحرك نحو رقاب أبنائهم الأبرياء. أبلغوهم بأن يحضروا في اليوم التالي للمحكمة العسكرية، وتركوهم يعودون إلى المنازل وهم في غصّة لا يعلم حجمها إلا الله بعد أن أيّدت محكمة “المشير” أحكام الإعدام، وحين حضروا إلى النيابة العسكرية في اليوم التالي للمحكمة؛ حوصروا بضباط المشير الذين فرضوا عليهم أن يُبدوا الفرح لتخفيف الإعدامات إلى السجن المؤبد، وأجبروهم على ابتلاع الغصّة العظيمة والظهور أمام الإعلام الخليفي للإدلاء بتصريحات موجّهة، هي أشبه ما تكون بالاعترافات القسرية التي يُجبر عليها السجناء وهم تحت التعذيب. تلك هي “الإفراجات” التي يبشّر بها “شلة الأنس”، وهذا هو أقصى “مكرمات” الخليفيين وسيء الذكر حمد عيسى. وليس هذا فحسب، فإن منْ لا يمضي في هذه المسرحية الخرساء، ويرفض الالتزام بنصّها الإلزامي في مدح “جلالة الملك” والتهليل والتعظيم لعفه وتسامحه؛ فإن ألسنة الشر ستنال منه، ولو كان في مقام السيد الغريفي الذي كان حريصا طيلة السنوات الماضية على الظهور بخطاب “معتدل” ومليء بضبط النفس. ولكن شرور آل خليفة لا حدود له، وقذارة حمد وجُنده وعبيده ليس لها مدى. فهل يتعلم الحالمون، قبل المطبّعين، الدرسَ الجديد؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى