المنامة

شهر مارس.. موسم الشهداء في البحرين: شموع توقدها أجساد المقاومين والأجنة والأعمار العزيزة

 

المنامةالبحرين اليوم

هو موسم الشهداء في البحرين.

الشهداء المقاومون أحمد فرحان، أحمد العرنوط.. يطلّون بذكراهم تزامناً مع أربعينيّة شهداء المقاومة رضا الغسرة، مصطفى يوسف، ومحمود يوسف. وقبل أن يسحب البحرانيون الأيام بانتظار أربعينيّة الشهيد المقاوم عبدالله العجوز؛ يلتحف بهم نبأ استشهاد الناشط القيادي محمد سهوان من داخل السّجن، متأثرا بإصابته بثمانين ويزيد من رصاص الشوزن. هي خارطة الشهداء في شهر مارس، منذ العام ٢٠١١ وحتى العام الجديد الذي توالد فيه الشهداء وكأنّ الأرض باتت تضجّ بالأرواح الحرّة، وآن أوان التحاقها بالسماوات.

C7ECZwTWkAMTjvb

ولأنّه موسم للشهداء؛ فإن آباء الشهداء هم سادته على الدّوام. كانوا أوّل منْ يحتضن عائلة آل سهوان، معزّين ومهنئين بشهيدهم الذي لم تفارفه الابتسامة، وكان مشغولاً بتوزيع الأمل والنضال في كلّ مكان، وزمان. التحقَ الشهيد محمد سهوان بقافلة الشهداء التي وجّهت مسيرتها ثورة ١٤ فبراير، وهي الثورة التي كان الشهيد يداً من أياديها، وبطلاً من أبطالها الذين لا تليق بهم إلا خاتمة الشهادة.
hqdefault

في مارس ٢٠١١م؛ التحق بالقافلة ١٥ شهيداً، يوماً بعد آخر، وابتداءاً من النصف الثاني من الشهر حين دخول آل سعود بدباباتهم المتوحشة، وكانت الفاتحة مع الرأس المقاوم للشهيد أحمد فرحان. في ١٦ مارس، استشهد جعفر سلمان الكراني بطلق ناري من قبل قوات الجيش الخليفي ودرع الجزيرة، بالقرب ميدان الشهداء. وفي اليوم نفسه؛ اسشتهد أحمد عبد الله العرنوط من الديه (أصله من توبلي)، بسلاح الشوزن المحرم، وفي المكان نفسه الذي دُمِغ باسم الشهداء والثورة. وبعد ساعاتٍ قليلة من اليوم نفسه؛ أعْلن عن استشهاد جعفر المعيوف من بلدة عالي، وبالسلاح المحرم دولياً والرصاص الحي معاً، والمكان هو ذاته: قبلة الشهداء. وسجّل اليوم نفسه استشهاد الرضيعة زينب كميل من جدحفص، التي مُنعت من العلاج ولم يُسمح لأهلها بنقلها إلى المستشفى للعلاج من مرضها، لترتفع روحها بين يدي والدها.

10919075_1009137569114127_49572662_n

وتعود الرواية إلى سترة من جديد، ويُعلَن في ١٩ مارس عن استشهاد عيسى آل رضي؛ الذي قُتل تحت التعذيب في ١٦ مارس، حينما استباح الخليفيون والسعوديون المدججون بالسلاح منطقة سترة، وأُخفي جثمان الشهيد أياماً قبل أن تنكشف الجريمة التي طبعوها على جسده المبضع بالآهات. وفي اليوم نفسه، استشهد جواد الشملان من بلدة الحجر، بسبب إصابته بطلقات رصاص حي في البطن والساق وسط الشارع العام، وتم إخفاء جثمانه أياماً، إلى أن تم تسليم جثمانه لأهله في ٢٠ مارس ٢٠١١م.

p01_20110323_pic1

أخذ القتلة قسطاً من الراحة لأيام، ثم عاودوا ممارسة القتل في ١٧ مارس ٢٠١١م، وهذه المرة في البلاد القديم، حيث قُتل الشهيد هاني عبد العزيز برصاص الشوزن بعد أن أزعجت تكبيراته المرتزقة الذين كانوا يطاردون مسيرات التكبير التي انطلقت آنذاك. أُخفي الجثمان أيضاً عدة أيام، لتظهر مشاهد الجريمة في ٢٤ مارس ٢٠١١م.

ومن بلدة بوري، كان الشهيد عبدالرسول الحجيري نوراً آخر في مارس الشهادة، ففي ٢٠ مارس ٢٠١١م اختطفته ميليشات خليفية كانت قد تولت محاصرة البلدات، وأجرت على جسده علامات من التعذيب الذي لا يعرف الحدود. في اليوم التالي، يُعلن عن استشهاد فاطمة تقي الموسوي من بلدة المرخ، بعد ترويعها في مستشفى السلمانية الذي احتلته القوات السعودية والخليفية، وقد أحيطت الشهيدة بالإرهاب من الجنود الملثمين وهي مصابة بمرض السكلر الحاد، مما سبب بتدهور حالتها واستشهادها على الفور. وفي الوقت نفسه؛ كشف القتلة عن الشهيدة بهية العرادي التي قُتلت بالرصاص الحي في ١٦ مارس ٢٠١١م، بعد أن استهدفها قنّاص من قوات درع الجزيرة السعودية وهي داخل السيارة بالقرب من دوار القدم.

وفي بلدة المعامير، أُعلن عن استشهاد الحاج عيسى محمد في ٢٥ مارس ٢٠١١ بسبب الاختناق داخل بيته من الغازات السامة التي أطلقها المرتزقة داخل الأحياء السكنية في البلدة. وبالغازات القاتلة نفسها؛ أُعلن عن استشهاد الجنين حوراء محمد سعيد من بلدة السنابس في ٢٩ مارس ٢٠١١م، حيث تعرضت والدتها للغازات وهي حامل بها. وبدأ موسم الشهداء الفتيان في هذا الشهر أيضا، حيث أُعلن في ٣١ مارس ٢٠١١م عن استشهاد الفتى السيد أحمد سيد شمس من بلدة سار، بعد أن أصابته طلقة مباشرة في الرأس من عبوة الغازات السامة.

شهداء مارس: غازات سامة وشهداء مقاومون.. وأجنّة

في العام ٢٠١٢م، سجّل مارس أيضاً أعدادا جديدة من الشهداء. في الثاني من مارس ٢٠١٢م، أُعلن عن استشهاد الحاج السيد جعفر سيد سلمان العلوي من بلدة الشاخورة، وذلك بعد أن تعرّض للضرب من قبل مرتزقة النظام الخليفي في مجزرة الخميس الدامي، حيث دخل إثر ذلك في غيبوبة طويلة، وحين أفاق منها حوصر بمضاعفات في صحته، وظل يعاني من التدهور المتواصل في وضعه الصحي حتى أستشهد في ذلك اليوم.

يعود الشهداء الرَّضع في هذا الشهر من العام ٢٠١٢م، حيث استشهد الرضيع يحيى يوسف أحمد من بلدة رأس رمان، في ٥ مارس وكان يبلغ شهرا ونصف من العمر فقط، حيث وُلد متأثراً بالغازات السامة التي استنشقتها والدته طيلة فترة حمله، واستشهد من مضاعفاتها المميتة على صحته. وفي اليوم التالي، ٦ مارس، امتدّ الموت عبر الغازات السامة أيضاً، وأُعلن عن استشهاد الحاجة سكينة علي مرهون من بلدة أبو صيبع.

C6pKRzWWcAE2KWZ

ولأن مارس هو شهر المقاومين، فإن الشهيد فاضل العبيدي كان حاضراً فيه أيضاً، حيث أُصيب بطلق ناري مباشر في الرأس، ودخل في غيبوبة قرابة ١٠ أيام، ليُعلن عن استشهاده في ١٠ مارس ٢٠١٢م. وبعد أسبوع، أُعلن عن استشهاد جعفر جاسم الموالي من بلدة المقشع، بسبب استنشاقه للغازات السامة. وبالسبب نفسه، وفي اليوم التالي، أُعلن عن استشهاد صبري محفوظ يوسف من بلدة شهركان وقد أصيب عدة مرات أثناء التظاهرات والاحتجاجات، واعتقل وعُذّب بوحشية خلال العام الأول من الثورة. وتظل أشباح الموت من الغازات السامة تطارد أرواح البحرانيين، ويُعلن في ٢٣ مارس عن استشهاد عبدة علي عبد الحسين صالح من بلدة جدحفص، بعد أن تعرضت للغازات بعد قمع تظاهرة في منطقة إسكان عالي. وفي بلدة شهركان، استشهد أحمد عبد النبي عبد الرسول في ٢٤ مارس بعد توغّلت الغازات السامة إلى جسمه الهزيل، وبعد أربعة أيام أُعلن كذلك عن استشهاد الحاج حسين ماجد الماجد من بلدة  دمستان بسبب الموت الغازيّ نفسه.

قبل نهاية الشهر، في ٣١ مارس، يلتحق نوع آخر من الشهداء، هو الشهيد الإعلامي أحمد اسماعيل من بلدة سلماباد، الذي أصابته المليشيات الخليفية بالرصاص الحي أثناء عمله الإعلامي في الميدان.

1415350157

وفي العام ٢٠١٣م، شهد شهر مارس استشهاد الجنين حوراء يوسف عمران في ١٨ مارس من بلدة نويدرات، حيث تعرضت والدتها أثناء حمله للغازات السامة التي تغلغلت إلى بيوت الأهالي. وفي اليوم نفسه، التحق الجنين محمد عبدالهادي من بلدة الديه إلى موكب الشهداء الأجنّة، بعد أن قطّعته الغازات القاتلة التي داهمت والدته وهي حامل به. وبعد يومين، التحق جنين ثالث بالقائمة، وأُعلن عن استشهاد الجنين رقية حسين السالمي من بلدة جدحفص، وبالمشهد نفسه الذي تأسّدت فيه غازات الخليفيين، والتي طالت في ٢٥ مارس من هذا العام جعفر جاسم الطويل من منطقة سترة (القرية). امتدّ هذا الموت الخانق حتى شهر مارس من العام ٢٠١٤، وأُعلن عن استشهاد جواد الحاوي من منطقة ستره (واديان)، حيث حاصرته الغازات وهو يُشارك في إحدى التظاهرات التي قمعها الخليفيون بهذا السّلاح الفتّاك.

بعدها؛ هدأ مارس من حصاد الشهداء حتى العام ٢٠١٧م. ليكون الشهيد محمد سهوان، أحد “قياديي” ثورة ١٤ فبراير؛ العنوان المفتوح لهؤلاء الذين تنطبع أرواحهم في السماء مثل لؤلؤة مغموسة بالأحمر، وتذكيراً بأنّ الثورة لا تموت، وأنّ الدّماء حين تكون مرسومة بالشّهادة؛ فإنها تكون شلالاً من الحياة، وبركاناً من اللّهيب الذي يهزّ العروش، ولو أمدّتها الجيوش بآلاف العتاد والمرتزقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى