اوروبا

صحيفة الإندبندنت البريطانية: انتهاكات سجن النساء في البحرين تتم على أيدي ضباط مدربين في بريطانيا

البحرين اليوم-لندن

نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية تحقيقا مطولا عن الانتهاكات في سجن النساء داخل البحرين، والتي يشرف عليها ضباط تلقوا تدريباتهم في بريطانيا. وقد أجرت الصحيفة مقابلة مع الناشطة مدينة علي التي أطلق سراحها مؤخرا، وقدمت شهادة عن تجربتها المريرة في السجون الخليفية. كما تطرقت الصحيفة في تحقيقها إلى التضييق الممنهج الذي تتعرض له المعتقلة السياسية هاجر منصور، وفيما يلي نص المقال مترجما

تقول هاجر منصور ( معتقلة سياسية منذ مارس 2017) “إنهم يحبسونني ويخنقونني”. “هذه ليست إنسانية.”
وقد تم سجن السيدة البالغة من العمر 51 عامًا في مدينة عيسى، وهو سجن محلي في البحرين سيء السمعة، أدانته الأمم المتحدة  منذ ما يقارب ثلاث سنوات بسبب معاملته المهينة وظروفه السيئة.

في سجن مدينة عيسى، تقول السيدة هاجر إنها محتجزة في زنزانتها لمدة تقارب 24 ساعة في اليوم، دون مياه شرب خارج أوقات الوجبات. تضيف هاجر إن إدارة السجن رفضت أن تخبرها عن تائج فحص الثدي التي تظهر إن كانت مصابة بالسرطان أم لا، وبقيت لعدة أشهر في ظروف نفسية قاسية تجهل النتيجة. يتولى إدارة ذلك السجن ضباط تلقوا تدريباتهم التي كلفت الملايين من أموال دافعي الضرائب في بريطانيا، في ظل وجود مزاعم بالإنتهاكات لحقوق الإنسان والتستر على التعذيب.

ظروف سجن السيدة هاجر منصور وحالات أخرى، دفعت بالنشطاء إلى المطالبة بإنهاء تمويل المملكة المتحدة للشرطة في البحرين.

يُعد مركز مدينة عيسى هو السجن الوحيد للنساء في البحرين. يظهر دار السجن الخارجي باللون الأبيض، لكن هناك سجينات يتحدثن عن ظروف معيشية وغير صحية في داخل السجن، وطعام فاسد تأكله الحشرات.

لقد صدر تقرير عن معهد البحرين للحقوق والديمقراطية ( بيرد ) أنه على مدار ثلاثة أسابيع في أبريل من العام الماضي، مُنعت السجينات من الذهاب إلى متجر السجن الذي يشترون منه أدوات النظافة.

وتقول جماعات حقوق الإنسان بما في ذلك فريق الأمم المتحدة مثل المقرر المعني بالاحتجاز التعسفي أن السيدة منصور تعرضت لمحاكمة جائرة بتهم ملفقة، وذلك بسبب نشاط صهرها المنفي سيد أحمد الوداعي.

وتشرح السيد هاجر منصور وهي أم لخمسة أولاد وبنات: “هذه معاملة غير إنسانية أبدا”، وتضيف ”أمكث داخل الزنزانة لمدة 24 ساعة تقريبًا، إذا سُمح لي بمغادرة الزنزانة تكون إحدى الشرطيات على الدوام ورائي خطوة بخطوة ولا تتركني وحدي”.

وتتابع حديثها موضحة ”يحبسوني في الزنزانة طوال اليوم تقريبًا، لا أستطيع مارسة أي نشاط، محرومة من رؤية أطفالي والزيارات العائلية، وممنوعة أيضا من التحدث إلى السجينات البحرانيات”.

وبخصوص ظروفها الصحية تكشف المعتقلة السياسية عن إصابتها بورم في الصدر في أغسطس 2018، كانت هناك خشية حقيقية من أن يكون علامة لسرطان الثدي. تقول إن ضباط السجن رفضوا عرضها على الطبيب ونقلها للمستشفى، ولم تكترث إدارة السجن إلا بعد نداء أطلقته منظمة العفو الدولية، لكنها بعد أن تمكنت من إجراء فحوصات تشمل تصوير الثدي بالأشعة السينية، أُبلغتبأن الورم ليس سرطانيًا، لكنها لم تستلم نسخة من النتائج، ثم رفضت إدارة السجن مجددا أخذها للمتابعات الصحية رغم توصية الطبيب.

منذ عام 2012 تم إنفاق 6.5 مليون جنيه إسترليني من أموال دافعي الضرائب البريطانيين على تدريب المؤسسات العامة في البحرين، بينهم “الأمانة العامة للتظلمات في وزارة الداخلية، ووحدة التحقيق الخاصة، والتي أدانتها منظمات حقوق الإنسان لتسترها على مجموعة من مزاعم التعذيب، بما في ذلك قضية السيدة هاجر منصور، وكذلك عمليات الإعدام غير القانونية.

البحرين هي واحدة من أقدم حلفاء المملكة المتحدة في الخليج على الرغم من كونها “واحدة من أكثر دول الشرق الأوسط قمعا” وفقا لمنظمة فريدوم هاوس غير الحكومية الأمريكية.

تزعم وزارة الخارجية البريطانية إنها تراقب الوضع عن كثب، وأنها أثارت قضية السيدة هاجر منصور مع السلطات في البحرين.

ومن بين من تعرضن لسوء المعاملة في سجن النساء هي الناشطة المدنية مدينة علي، التي تم إطلاق سراحها في نهاية العام الماضي بعد أكثر من عامين قضتها مع السيدة هاجر منصور. في حديثها إلى الإندبندنت، وفي أول مقابلة إعلامية لها مع الإندبندنت منذ إطلاق سراحها من السجن، تقول السيدة علي إنها عانت من “معاملة قاسية للغاية” طوال مدة حبسها. وتكشف عن قيام الشرطة بقيادة الرائد المسؤولة عن السجن بالإعتداء جسديًا عليها هي وزميلتها في الزنزانة السيدة منصور في سبتمبر 2018. وتقول السيدة علي “بعد حرماننا من ممارسة الطقوس الدينية تعرضنا للعقاب والضرب”. وتتابع  “تعرضت للضرب على في منطقة الظهر، وبقي الألم لعدة أيام كنت في حالة صدمة وألم.  في تلك الفترة ولأسباب غير ذي صلة كنت قد أصبت بنزيف رحماني استمر لأكثر من شهر، وعلى الرغم من الطلبات المتكررة لعرضي على الطبيب المختص، فقد تم رفض الطلب، فعشت مع معاناتي المريرة“. من الحوادث المؤلمة التي تعرضت لها أثناء الزيارة العائلية حينما طُلب مني خلع كل ملابسي، كان ذلك مهينا جدا، وكان السجن تجربة مؤلمة للغاية”. لقد “فرضوا حاجزًا زجاجيًا للزيارات العائلية، وكان ذلك صعب جدًا، لأن لديّ طفل في الثامنة من عمره”. ومن بين صور المعاناة وجودي في الزنزانة 23ساعة في اليوم”. كما تؤكد مدينة علي هي الأخرى بأنها مُنعت من التحدث إلى السجينات البحرانيات وحرمت من الزيارات العائلية.

كانت السيدة علي التي شاركت في الاحتجاجات السلمية الداعية إلى المساواة في الحقوق والتغيير الديمقراطي في البحرين تقود سيارتها للعمل في اليوم اعتقلت فيه ومن ثم نقلت إلى سجن مدينة عيسى في عام 2017. تقول مدينة علي “لقد كان اختطافًا لأنهم كانوا يرتدون ملابس مدنية، كان هناك أربعة رجال رفعوا جميع أسلحتهم في وجهي. لقد عصبوا عيناي وأخذوني إلى أسطبل للخيول، وكانت هناك غرفة قريبة تم فيها استجوابي. كان ذلك عدواني جدا، وتعرضت للتهديد بالاغتصاب، كما هددوا باغتصاب والدتي وأختي الصغيرة.

“ضربوني في جميع أنحاء جسدي، ثم أخذوا رأسي وبدأوا يطرقونه على الحائط حتى أصبت بكدمات خطيرة، وما تزال آثار هذا الحادث موجودة يمكنك أن تشعر به عندما تلمس جبهتي “.

مجموعات حقوقية مثل منظمة هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية أثاروا قضيتي السيدة منصور والسيدة علي في عدة مناسبات. وفي الشهر الماضي أثار فريق من الأمم المتحدة بواعث قلق خطيرة بشأن الوضع في سجون البحرين ومعاملة السيدة منصور والسيدة علي في خطاب وقعه ثمانية خبراء.

يعلق المدير التنفيذي لمنظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) حسين عبد الله بالقول، إن السيدة هاجر منصور لا تزال “تعاني من الاعتقال التعسفي” وأنها “تخضع لمعاملة قد ترقى إلى مستوى التعذيب”.

تُركت السيدة منصور مصابة بكدمات في جميع أنحاء جسدها، ثم نُقلت لاحقا إلى المستشفى بعد تعرضها للاعتداء على أيدي ضباط السجن في سبتمبر 2018. وقد وقع الاعتداء بعد أيام فقط من إطلاع صهرها ( السيد أحمد الوداعي) لنواب في المملكة المتحدة بشأن سوء معاملة السجينات في البحرين. وقد سبق لمنظمة العفو الدولية أن حثت السلطات في سجن مدينة عيسى وجميع مرافق الاحتجاز الأخرى في البحرين على اتباع القانون الدولي لحقوق الإنسان في كيفية تعاملهم مع المعتقلين والسجناء.

وينفي متحدث باسم سفارة البحرين في لندن مزاعم سوء المعاملة ضد السيدة هاجر منصور والسيدة مدينة علي، حيث يزعم عن وجود تحقيق في ذلك الشأن من قبل أمانة التظلمات بوزارة الداخليةفي البحرين، وصلت إلى نتيجة بأن تلك المزاعم لا أساس لها من الصحة. ويتهم المتحدث باسم السفارة في حديثه مع صحيفة الإندبندنت السيد هاجر بأنها مدانة في قضية زراعة عبوة ناسفة. ورفضت سفارة البحرين ما أسمته “خطأ وصف مملكة البحرين بأنها” قمعية “أو الادعاء بأنها تمارس أو تتسامح مع سوء معاملة أو تعذيب المعتقلين. وتدعي عدم احتجاز أو مقاضاة أي شخص في “المملكة” بسبب حرية التعبير السلمية، أو بسبب نشاطه السلمي المشروع. وفي تعليق السفارة تؤكد بأنه”لم يكن هناك حرمان من العلاج (الصحي)، بل إن السيدة منصور تتلقى جميع الاستشارات والمسح والعلاج والمتابعات اللازمة وفق ما يكفله القانون”.
وبينما تدعي السلطات في البحرين بالسماح للسجناء بالخروج من زنزاناتهم لمدة ثماني ساعات في اليوم، تناقض “ المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان” ذلك في بيان سابق حيث تدعي السماح للسجناء بالخروج مدة ساعتين من الزنزانة في كل يوم.

تتمتع بريطانيا بتاريخ قديم من التدخل الاستعماري في البحرين، بالإضافة إلى أنها لا تزال تمتلك قاعدة بحرية في البلاد التي تحكمها عائلة آل خليفة لأكثر من قرنين. ومنذ اندلاع انتفاضة الربيع العربي المؤيدة للديمقراطية في فبراير 2011، أبرمت المملكة المتحدة صفقات تسليح للبحرين بقيمة 105 ملايين جنيه إسترليني. وفقًا للحملة ضد تجارة الأسلحة.

وتتحدث السيدة مدينة علي عن العلاقة الوثيقة بين الحكومة البريطانية والبحرين، مع خشيتها باستمرار من التعرض للإعتقال مجددا، وهي ممنوعة من السفر في الوقت الحالي. وتقول علي: “من المقلق بالنسبة لي أن أعرف أن التدريب الذي تقدمه بريطانيا للبحرين لا يزال مستمراً”. وتضيف ”أود أن أرى بريطانيا توقف تدريبها للبحرين لأننا الضحايا”. وتختم تعليقها “ الناس هم الذين يعانون أكثر من غيرهم من سوء المعاملة من قبل الحكومة في البحرين بسبب النفاق البريطاني”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى