المنامة

نفرح لفرح عائلات المعتقلين المفرج عنهم ونطالب بتعويض الضحايا ومحاسبة الجلادين

رأي البحرين اليوم – خاص

أفرج دكتاتور البحرين حمد الخليفة عن جمع من المعتقلين ممن قضوا معظم محكومياتهم. ولم يكن الإفراج مطلقا بلا قيد أو شرط بل تنفيذا لما يعرف بقانون العقوبات البديلة الذي يعني ”إبدال مدة عقوبة الحبس المتبقية على المحكوم عليهم بعقوبات بديلة تختلف ما بين الإلزام بالعمل في خدمة المجتمع والإلحاق في برامج التأهيل والتدريب وحظر ارتياد أماكن محددة“ بحسب ماصرح به المدعي العام الخليفي.

فرحة وارتياح

أثار قرار الإفراج فرحا وارتياحا بين ذوي المعتقلين الذين مروا بمعاناة كبيرة جراء غيابهم، حيث عانى بعضهم من شظف العيش لغياب المعيل، وآخرين من حنان الأب والأم، وأخرى من غياب الزوج أو الزوجة، فيما تجرع آباء وأمهات المعتقلين كأس مرارة الحزن. ولم يكن من تسبب بكل هذه الآلام سوى النظام الطاغي في البحرين، الذي سلب من هؤلاء المعتقلين حريتهم وعرضهم لشتى صنوف التعذيب، وتسبب بمعاناة لا تتحملها الجبال لعائلاتهم، لا لذنب اقترفوه سوى مطالبتهم بحقوق هذا الشعب التي صادرتها عائلة غازية لا تنتمي إلى أرض البحرين.

قرار الإفراج ليس منّة

ولذا فإن قرار الإفراج ليس منّة من هذا النظام الجائر، بل واجب عليه تمليه شرائع الأرض والسماء التي تمنع مصادرة حرية الإنسان بسبب مطالبته بحقه أو تعبيره عن رأيه. لقد ألحق هذا النظام أضرارا فادحة بهؤلاء المعتقلين جسدية ونفسية، بعد أن عرضهم لشتى صنوف التعذيب، وتسبب بضياع سنين من عمرهم هباءا، فحرم بعضهم من التعليم وآخر من تكوين الأسرة وثالث من عمله. فهل يكفي الإفراج عنهم اليوم بعد كل هذه الكوارث لطي هذه الصفحة السوداء؟

 

تعويض الضحايا ومحاسبة الجلادين

أم أن النظام مطالب بتعويض كل معتقل عما لحق به من ضرر بسبب سجنه، وتعويض عائلات المعتقلين بما يتناسب مع معاناتهم. وإن كانت هناك معاناة لا يمكن تعويضها، وهل يمكن تعويض حنان طفلة حرمت من أمها أو من أبيها لسنوات؟ وهل هناك ثمن لدموع أم تبكي إبنها المغيب في طوامير آل خليفة؟ وإما الأمر الأهم فهو محاسبة الجلادين والمعذبين وفي مقدمتهم نجل الحاكم الخليفي ناصر الذي تولى تعذيب الرموز وحرض على قتل الرياضيين، ووزير الداخلية راشد الخليفة. فإن كان النظام صادقا فعلا وعازما على فتح صفحة جديدة مع أهل البحرين، فليبدأ بتعويض ضحايا انتهاكاته وهي قائمة لا أول لها ولا آخر، ومنهم الشهداء من ضحايا التعذيب كالشهيد كريم فخراوي والشهيد زكريا العشيري وعشرات الشهداء الذين سقطوا بنيران الغدر الخليفية.

 

إطلاق سراح جميع المعتقلين

وليبادر النظام إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين الذين يناهز عددهم الأربعة آلاف معتقل وفي مقدتهم قادة ورموز ثورة الرابع عشر من فبراير، وحرائر البحرين المعتقلات اللواتي انتهكت حرمتهن من قبل أراذل البشر من مرتزقة النظام الحاكم وزبانيته. وليلغي أحكام الإعدام الصادرة بحق ثمانية بحرانيين، وليعوض عائلات من أعدم. وليرجع الجنسية التي أسقطها عن مئات الناشطين، وليسمح بعودة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم، ويسمح للشعب بممارسة شعارئه الدينية بكل حرية. وبغير ذلك فإن مثل هذا الإجراء ما هو إلا ذر للرماد في العيون.

 

متاجرة النظام دوليا

فالنظام سوف يتاجر بهذا الإجراء في المحافل الدولية في محاولة لتبييض وجهه الكالح وصفحته السوداء الإجرامية، وسيستخدمه إلى أقصى حد لتسويق فكرة التزامه بالعهود والمواثيق الدولية والإستجابة للنداءات الدولية لإطلاق سراح الناشطين. خاصة وإن انتخابه لعضوية مجلس حقوق الإنسان أثارت استياءا كبيرا وسخطا في صفوف المنظمات الحقوقية الدولية.

 

التعويل على سراب

وأما أولئك الذي اعتبروا هذا الإجراء بداية انفراجة في البحرين حتى غرقوا في أحلامهم الوردية في فتح صفحة جديدة مع هذه النظام الناكث لجميع المواثيق والعهود، فليعلم هؤلاء بأنهم يلهثون وراء سراب يحسبه الظمآن ماءا. فهذا النظام أنهى صفحة المعارضة السياسية الرسمية وإلى الأبد سواء عبر احتواء بعض الجمعيات السياسية أو عبر حل البعض الآخر. وهذا النظام ليس بوارد التعاطي مع المعارضة ومد الجسور معها مرة أخرى.

 

الثقة بالشعب

وما على هؤلاء إلا يمنوا أنفسهم بفتات يرميه لهم النظام، بل عليهم وبعد التوكل على الله أن يثقوا بشعبهم وبقدراته ويثمنوا تضحياته، فإرادة الشعوب أعظم ولا بد لها من أن تنتصر يوما بشرط الصبر والثبات والتضحية، وقد لاحت دلائل في الأفق تشير إلى هزة أصابت تحالف الشر السعودي- الإماراتي مع البحرين، فهو يتراجع ويهزم في ساحات الصراع من اليمن وحتى قطر، ووضع عائلة آل خليفة اليوم ليس بأفضل مما كانت عليه قبل ثورة 14 فبراير، فدماء الشهداء ومعاناة المعتقلين لن تذهب سدىً وستطيح بهذا الحكم الباغي الفاسد.

وليعلم آل خليفة وحماتهم أن الشعب البحراني البطل مستمر في كفاحه وحتى الإطاحة بهذه العصابة الحاكمة، ولا يظن النظام أنه انتصر فلربما ربح الباطل جولة ولكن للحق دولة، فلن ينسى الشعب دماء شهدائه الأبرار، ولا ممارسات التعذيب ولا انتهاك شرف الحرائر ولا معاناة عائلات المعتقلين، فالشعب ماض قدما في نضاله حتى تحقيق حريته وتطهير أرض أوال من هذه الطغمة الخليفية الظالمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى