الشيخ محمد التلمقالات

أيها أقل كلفة.. التغيير الثوري أم التغيير السياسي؟

unnamed
الشيخ محمد التل – معارض بحراني

ثمة خطابان في العمل التغييري؛ خطاب سياسي وآخر ثوري، وكل له دوره في إدارة اللعبة، وصناعة الانتصار، ولكن: أيها الأقدر على إحداث تحول ديمقراطي جذري؟ وأيها أقل كلفة؟

لتتضح الصورة كاملة لابد من قراءة واقعية بعيون التجربة والعمل الميداني، ومطالعات إثرائية، فتلك حصيلةما ينيف على العقدين من العمل السياسي والثوري.

من مرتكزات العمل الثوري/ السياسي:

في العمل الثوري مرتكزات واضحة، تيار شعبي لايستثني منه أحدا، مثقل بالزخم الثوري، والإرادة التغييرية الصادقة، ولا يعبأ بأنصاف الحلول، فالحل واحد وواضح ومعروف.

أما في العمل السياسي، فارتكازه الأساس على ما تمنحه السلطة من فضاء للعمل السياسي وبإدوات تحددها هي، مع ملاحقتها لكل الثغرات التي تستفيد منها المعارضة، وسدها بقوانين تعسفية، وكل ذلك والجماهير بمعزل عن هذا الصراع.

 – فاعليات العمل الثوري/ السياسي:

المشاركون في العمل الثوري كثر ومن جميع الطبقات والشرائح والفئات، وقد تكون مجموعات متناثرة ومتكاثرة، تعمل في إطار هدف كبير معلن، كل بنمطه وفعالياته.

أما في العمل السياسي فهم مجموعة منتقاة من النخبة المثقفة غالبا، تشترك في وسائل محددة ومؤطرة بإطار التزاماتها التنظيمية، ولا يسمح لها بالعمل خارج هذه الأطر، فضلا عن حصار النظام القانوني الخانق.

 

الجهد في العمل الثوري/ السياسي:

في ظل الأنظمة الظالمة، يحتاج كل أفراد الشعب إلى جهود متكاتفة لرفع الحيف عن صدورهم، وهذا ما نجده في العمل الثوري الشعبي المنتشر في كل بقعة من الوطن، على خلاف العمل السياسي النخبوي الذي يكون جُلّ جهده نخبويا، ويتركز في نقاط محددة، فيضعف النتاج والدور المناط، أما دور الجماهير فهو دور المتفرج، ولا علاقة لها من قريب بما يحدث، وقد تكون ساخطة على أداء هذه النخبة؛ تماما كما في مسألة استقطاع 1% من الراتب، الذي جاء مخالفا لرغبة غالبية الجماهير.

الزمن في العمل الثوري/ السياسي:

الإنسان في طبيعته يستعجل النتائج ولاسيما إن كان هناك جهد إضافي مبذول، وهذا حال الثورات والانتفاضات، ولذا على قادة الفعل الثوري/ السياسي الانتباه لهذه النقطة، لدخالتها في فهم الجوانب النفسية للثوار/ السياسيين.

والملاحظ أن العمل السياسي يحتاج إلى نفس طويل لا يحتمل عادة، وقد تتبدل الأجيال ولكن دون جدوى ملحوظة تعود على الشعب المضطهد بمردود يخفف الضغوطات المعيشية والنفسية.

وعلى غير ذلك، فالشغل الثوري لا يحتاج هذه الأناة، فهو عمل دفعي ونتائجه سريعة، ولا يحمل أثناءه كثير معاناة ولا طويل ألم

الكلفة في العمل الثوري/ السياسي:

والكلفة قسمان؛ مادية وهي كل ما عدا العنصر البشري، فبملاحظة قصر مدة تحقق النتائج، سيكون العمل الثوري بلا شك كلفته أقل، وعلى قاعدة النسبة والتناسب، سيكون العمل السياسي أبهض كلفة، وأوغل في أعماق النفس إحباطا لدى الجماهير، بينما الكلفة البشرية في العمل الثوري/ السياسي تعتمد على سرعة تحقيق النتائج زمنا، وقد أوضحنا أن الزمن الثوري أقصر من السياسي غالبا، وعليه فالكلفة البشرية تتبع المقدمات، التي هي في الغالب موزونة في العمل السياسي ولا تأخذ خسارة ثقيلة إلا أنه مرهق، بعكس العمل الثوري إذا ما قارناه بالنتائج، فخسارته انتصار وموته حياة، إلا في حالة الهزيمة فقد تنقلب الصورة وتصبح الكلفة باهظة جدا.

وننتهي في هذا النشاط العقلي النظري إلى أن العمل الثوري المحسوب والدقيق، بهدف واحد، وبجسد واحد هو الأنجع في كسر احتكار الأنظمة المستبدة، كما أن التحدي الشعبي المتجاهر لقوانين النظام والنزول الغاضب للشارع ضده كفيل بهزيمته داخليا أولا، مما يؤول إلى ضعفه الخارجي وسقوطه ثانيا، ثم وإن كان ولابد من المزج بينهما، فقبولنا مشروط أن تكون النسبة الأكبر للعمل الثوري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى