ما وراء الخبر

في تقرير لوكالة الأنباء السعودية: أخطاء النحو والمهنية.. أو إعلام السقوط في الهاوية

image
البحرين اليوم – متابعات
لم يستغرب مراقبون طبيعة التقرير الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس) على موقعها الإلكتروني وحمل عنوان “إيران: نظام ملالي ينتهك المحرمات متدثر بعباءة الدين”، فآل سعود لم يكفّوا عن هذا الهجوم بالمباشر أو بالواسطة، على الأقل منذ السنتين الماضيتين، وحتى إعدام الشيخ نمر النمر في يناير الماضي. إلا أن التقرير المشار إليه، والذي نشرته الوكالة (الرسمية) اليوم الأحد، ١١ سبتمبر، كان مشوبا بالعديد من الملاحظات “المهنية” التي جعلت إعلاميين وصحافيين “يتنذرون” على حال “إعلام آل سعود” الرسمي.

لم يقتصر الأمر على الأخطاء المطبعية، والنحوية، من قبيل رفع كلمة “المحركات” بالضمة في عنوان التقرير، ولكن اللافت – وهو الجدير بالملاحظة هنا – هو أن معد التقرير لم يكن يُدرك بأنه يكتب لوكالة “خبرية رسمية” أو ينشر فيها، حيث اتصف التقرير بلغة خطابية كاملة، ومليئة بالدعاية العاطفية والتحريضية، ولم ينطو على أية معلومات، أو وثائق، أو استعراض مؤرخ، واكتفى معد التقرير بترداد الكلمات التي تعج في الخطاب السائد الذي يتداوله المعادون لإيران، وخاصة الذين يجمعون صفتي “الطائفية البغيضة” و”المصلحة الشخصية”.

يذهب البعض إلى اعتبار هذا التقرير اختصارا بليغا لحال آل سعود وإعلامهم الرسمي وغير الرسمي (الموالي)، والذي تديره عادة شخصيات من المخابرات وأجهزة الأمن وموظفون يُشترط فيها، أولا وقبل كل شيء، الولاء المطلق لسياسة آل سعود، ولاسيما السياسة العدائية لإيران، وإجادة الشحن الطائفي ضدها وضد الذين يمثلون طرفا أو عضوا في محورها الفكري أو السياسي.

وكالة آل سعود لم تكتف بهذا التقرير – الذي يفضل أن يصفه البعض بأنه “فضيحة إعلامية” لجهة نشره في وكالة أنباء رسمية – وقد زادت (الوكالة) على خروجها على “المهنية” (ولو في حدودها الدُّنيا) مع إطلاقها هاش تاغ في موقع تويتر بعنوان: “ملالي إيران اجرام باسم الإسلام”، وهي لغة يراها البعض دليلا قاطعا على أن آل سعود ومخابراتهم كانوا وراء كل الإعلام “التحريضي” و”الطائفي” الذي كان يتولاه بالوكالة عنهم جيشٌ من الإعلام غير الرسمي خلال العقود الماضية، وكانت السعودية خلال تلك الفترات تنأى بنفسها عن الدخول المباشر، أو إظهار صلتها به، وذلك لأسباب لها علاقة بمؤشرات المصالح والمتغيرات الجيو سياسية آنذاك.

الإفصاح “الكامل” للإعلام الرسمي السعودي عن مخزونه المخبأ من “الإفلاس اللغوي” و”الشَّرَر الطائفي” و”الاحتباس المهني”؛ يؤشر من جهة أخرى، كما يقول مراقبون ومعارضون، على أنّ السعوديين باتوا في آخر حدود الضفة المطلّة على الهاوية، وهي “الهاوية” التي لم يعد من المبالغة اليوم الزعم بأنها باتت وشيكة، وقد تحدّثت عنها تقارير دولية قبل ٣ سنوات، وهي ترصد اهتزاز بيت الحكم، وتصدّع الواقع الاقتصادي والاجتماعي الداخلي، وتزايد خطر “ارتداد الإرهاب” على مصنيعه، وانغماس آل سعود في الحروب الإقليمية، والإنكسار الحدودي مع اليمن، واتساع صورتها البشعة في الخارج. كل هذه العلامات التي كانت تُرْصَد قبل أعوام؛ باتت ماثلة اليوم بمشهدية أوضح، وبدلائل ومؤشرات متكاثرة، وبما يجعل من الحديث عن “الانهيار الوشيك” أقرب إلى الوقائع الجارية اليوم.

بالعودة إلى التقرير (الفضيحة)، يبدو واضحا، بحسب ما يقول أحد المعلقين، أن “آل سعود أغلقوا عيونهم عن رؤية أنفسهم، وما يوجد أمامهم، وبين ظهرانيهم”، وذلك حينما يصفون إيران بمواصفات هم والعائلة الخليفية التابعة لهم؛ أولى بها من النظام في طهران. فالتقرير يتحدث عن “انتهاكات لحقوق الإنسان”، و”قتل خارج نطاق القضاء”، و”إخفاء وتعذيب البعض”، كما يشير التقرير إلى “منظمات حقوقية دولية”، ويتحدث عن “الحقد تجاه الإسلام والمسلمين” وما شابه ذلك.
كل ذلك يوجهه التقرير جهة إيران، ومن الواضح، يؤكد البعض، “أن حال كاتب التقرير مثل حال نظام آل سعود وذيله في البحرين”، فهو يستعمل ذات المصطلحات، والتعابير، والإدانات التي تُوجَّه إليه، ومن أكبر المنظمات الدولية والأممية، وهو ما يجعل احتجاج التقرير السعوديّ بهذه المنظمات على خصوم آل سعود أشبه ب”البلاهة” التي لا يتورط فيها إلا منْ فقد القدرة على البصر” وما عاد يتبصّر السبيل التي يتحرك فيها”، هو المعنى الذي يتطابق مع يذهب له مراقبون من أن آل سعود “يُسرعون خطاهم إلى حتفهم المحتم”، وكأنهم وهم في هذه الحال مثل الذين يظنون أنهم “يلتحقون بالجنة ومعانقة الحور الحين”. إنها ذاتها الصورة الذي ترسمها الجماعات الإرهابية لمنفذي الهجمات وهم يرمون أنفسهم في الموت. وليس هناك من مسافة بعيدة بين حتْف آل سعود، وانتحار الإرهابيين التكفيريين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى